وقد كانت الخلافة في الدولة العباسية وراثية ، تنتقل من الآباء إلى الأبناء.
والخلفاء العباسيون يقتفون في ذلك أثر الأمويين الذين ابتدعوا مبدأ توريث الخلافة ، بعد أن كانت شورى يتداولها المسلمون فيما بينهم دون قصرها على بيت دون بيت أو أسرة دون أسرة.
وامتاز نظام الحكم في العصر العباسي الأول بغلبة النزعة الاستبدادية عليه ، فالخليفة العباسي يملك السلطات كلها في يده ، على الرغم من أن أصحاب الدواوين أو البارزين من أصحاب البيت العباسي كانوا بمثابة مستشارين غير رسميين (١).
ودرج الخلفاء العباسيون على نظام تولية العهد أكثر من واحد ، فقد عهد السفاح بالخلافة إلى أخيه أبي جعفر المنصور ثم إلى أخيه عيسى بن موسى ، وكذلك فإن المهدي عهد بالخلافة إلى ولديه الهادي ثم لهارون الرشيد ، وأما هارون الرشيد فولى عهده أولاده الثلاثة : الأمين والمأمون والمؤتمن ، وقسم البلاد بينهم (٢).
ولا ريب أن هذا النظام في ولاية العهد قد أثمر العداوة والبغضاء بين أبناء البيت العباسي بدافع المنافسة والرغبة في الظفر بمنصب الخلافة.
وقد آل أمر الخلافة العباسية منذ عهد المتوكل «٢٣٢ ـ ٢٤٧ ه» إلى حالة من الوهن والضعف ، بسبب ازدياد نفوذ الأتراك ثم البويهيين والسلاجقة ، وغدا الخلفاء العباسيون ألعوبة في يد هؤلاء ، وهو ما أشرنا إليه في المبحث الثاني من هذه الدراسة.
وعلى الرغم من ضعف الخلافة في عصر إمرة الأمراء وبني بويه ، فقد استمر الخلفاء العباسيون يولون العهد أبناءهم ، غير أن الأتراك والبويهيين من بعدهم كانوا لا يحفلون بهذا النظام إذ كان لا يتفق مع مصالحهم.
ب ـ الوزارة :
اقتبس العباسيون نظام الوزارة من الفرس ، والحق أن الوزارة كاختصاص ومهام ولقب قد استحدثت في العصر العباسي ، وإن عرفت كاختصاص فقط دون اللقب في العصر الأموي ، فكان عبد الحميد بن يحيى بن سعيد كاتب مروان بن محمد يقوم في الخلافة مقام الوزير من حيث تقريب الخليفة له واعتماده عليه في المشورة والرأي (٣).
__________________
(١) السابق (٢ / ٢٥٥).
(٢) السابق (٢ / ٢٥٦).
(٣) السيد عبد العزيز سالم ، العصر العباسي الأول ، ص ٢٥٣.