على المؤمنين خاصة ، فإنه لا يتعاظم ذلك عليهم.
وقيل : إن تحويل القبلة إلى الكعبة لثقيل على اليهود ، والله أعلم.
وقوله : (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ).
قيل فيه بوجوه :
قيل (١) : الخاشع ؛ هو الخائف بالقلب.
وقيل (٢) : الخاشع ؛ المتواضع.
وقيل (٣) : الخاشع ـ هاهنا ـ المؤمن.
وقال الحسن (٤) : الخشوع هو الخوف اللازم بالقلب.
وقوله عزوجل : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ).
يعنى : يعلمون ويستيقنون أنهم ملاقو ربهم بكسبهم وصنيعهم.
وقوله : (وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ).
أى : سيعلمون يومئذ أنهم راجعون إليه.
قال صاحب المنطق : الظن هو الوقوف على أحد طرفى اليقين ، والشك هو الوقوف على أحد طرفى الظن (٥). والهمّة بين هذين.
__________________
(١) قاله أبو العالية بنحوه ، أخرجه ابن جرير (٨٥٨).
(٢) قاله مقاتل بن حيان كما فى تفسير البغوى (١ / ٦٩).
(٣) قاله مجاهد بنحوه ، أخرجه ابن جرير (٨٥٩ ، ٨٦٠) وعبد بن حميد كما فى الدر المنثور (١ / ١٣٢).
(٤) ذكره البغوى فى تفسيره بنحوه (١ / ٦٩).
(٥) الشك لغة : نقيض اليقين ، وجمعه : شكوك. يقال : شك فى الأمر ، وتشكّك : إذا تردد فيه بين شيئين ، سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الآخر ، قال الله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) [يونس : ٩٤] أى غير مستيقن ، وهو يعم حالتى الاستواء والرجحان. وفى الحديث الشريف : «نحن أحق بالشك من إبراهيم» قيل : إن مناسبته ترجع إلى وقت نزول قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة : ٢٦٠] حيث قال قوم ـ إذ ذاك ـ : شك إبراهيم ولم يشك نبينا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم تواضعا منه وتقديما لإبراهيم على نفسه : «نحن أحق بالشك من إبراهيم» أى : أنا لم أشك مع أننى دونه فكيف يشك هو؟!
والشك فى اصطلاح الفقهاء : استعمل فى حالتى الاستواء والرجحان على النحو الذى استعملت فيه هذه الكلمة لغة فقالوا : من شك فى الصلاة ، ومن شك فى الطلاق ، أى : من لم يستيقن ، بقطع النظر عن استواء الجانبين أو رجحان أحدهما. ومع هذا فقد فرقوا بين الحالتين فى جزئيات كثيرة.
والشك فى اصطلاح الأصوليين : هو استواء الطرفين المتقابلين ؛ لوجود أمارتين متكافئتين فى الطرفين ، أو لعدم الأمارة فيهما.
ينظر : النهاية فى غريب الحديث (٢ / ٤٩٥) ، نهاية السول فى شرح منهاج الأصول للبيضاوى (١ / ٤٠) ، لسان العرب والمصباح المنير (شك).