__________________
ـ تفعل خلاف هذا الأصلح. يقول الشيخ صالح شرف : ولكن للمعتزلى أن يقول إنه لا تحديد للقدرة لأن مصالح العباد تتجدد بخلقهم فمصالحهم التى هى متعلق القدرة متجددة بتجدد خلقهم ، ولا يضير القدرة ألا تتعلق بالمستحيل لأنه ليس من وظيفتها. وهذا الدليل على فرض صحته ملزم للبصريين جميعا.
المذهب الثانى : مذهب معتزلة بغداد : وهو أنه يجب على الله الأصلح فى الدين والدنيا ، بمعنى الأوفق للحكم والمصالح لا بمعنى الأنفع للعبد. وبناء على هذا يجوز عندهم أن يترك الأنفع للعبد مراعاة للحكمة ، وأفعاله تعالى لا بد وأن توافق الحكم والمصالح ، فهم على هذا لا يخاصمون الماتريدية فى قولهم وما هو الأصلح للعبد فليس ذلك بواجب على الله تعالى لأنهم لا يوجبون الأصلح بالنسبة للعبد ، فهم ينطقون بهذه الدعوى كما ينطق بها الأشعرى والماتريدية ، إذ إن هؤلاء جميعا قد اتفقوا على عدم وجوب الأصلح للعبد بمعنى الأنفع له ، وأما الأصلح بمعنى الأوفق للحكمة بالنسبة للعباد جملة واحدة فيجب عند معتزلة بغداد ، ولا بد منه عند الماتريدى ولا يجب عند الأشعرى كما لا يجب الأصلح بمعنى الأنفع للعبد.
ومن هذا يتبين أنه لا خصومة بين الماتريديين والبغداديين ولا خلاف بينهم إلا فى التعبير الموهم عند البغداديين
المذهب الثالث : مذهب الجبائى يرى الجبائى ـ وهو أحد معتزلة البصرة ـ أن الأصلح بمعنى الأنفع للعبد فى الدين على حسب علم الله تعالى واجب عليه فأوجب على الله ما فيه نفع للعبد فى دينه ، فما علم أنه ينفع العبد فى دينه من الإيمان وجب عليه فعله ، وما علم أنه غير نافع له فى دينه من الكفر وجب عليه تركه ويستحيل عليه فعله.
وقد اعترض على مذهب الجبائى هذا بخلق الكافر لأن الكفر ليس فيه نفع للعبد فى دينه فكان يجب على الله عدم خلقه ، أو خلقه ثم إماتته طفلا ، أو سلب عقله إذ كان الخلق أشرف من العدم.
وقد أجيب عن هذا الاعتراض بأجوبة :
أحدها : أن للجبائى أن يقول : إن الأصلح واجب على الله إذا لم يوجب تركه حفظ أصلح آخر بالنسبة إلى شخص آخر ، أما إذا كان ترك الأصلح مستلزما لحفظ أصلح آخر فإنه يجوز تركه ، فربما يكون موت الكافر صغيرا موجبا لكفر أبويه أو إخوته ، فلم يفعل الأصلح به من الإماتة نظرا للأصلح بالنسبة لأبويه أو إخوته ، وأيضا ربما يخرج الله من نسل الكافر صلحاء ، فرعاية لأصلح كثيرين وجب فوت الأصلح له.
وفى هذا يقول الشيخ صالح شرف : غير أن هذا الجواب لا ينفع الجبائى لأن مذهبه يقرر ربط الأصلح بالنسبة للعبد نفسه ، فترك الأصلح فى حقه مراعاة لأصلح آخر فى حق غيره ظلم.
الجواب الثانى أن الجبائى لا يقول بأن الإبقاء وإيصال النفع واجب على الله تعالى ، حتى يرد ما عليه ذلك الاعتراض ، بل الذى يقول به الجبائى هو أن الواجب على الله تعالى هو اللطف والتمكين والإقدار على الأصلح ؛ كإعطاء العقل ، وإرسال الرسل ، وذلك حاصل للكافر ، وكل ذلك نافع له فى دينه. يقول الشيخ صالح شرف : ولكن هذا الجواب أيضا لا ينفع الجبائى ؛ لأن وجوب اللطف على الله أمر آخر غير وجوب الأصلح عند معتزلة البصرة ، إذ اللطف عندهم هو الفعل المقرب إلى الطاعة المبعد عن المعصية ، كبعثة الأنبياء وهذا غير الأصلح بمعنى الأنفع للعبد فى دينه مثل إيمانه. ولكن كيف يقال إن هذا مذهب الجبائى وهو يعلم أن الدنيا مملوءة بالكفر والفسوق؟ وكيف يحرر مذهبه ضد ما هو مشاهد؟ والجواب أن هذا هو المنقول عنه ويصح أن يكون الخطأ فى النقل.
الرابع مذهب جمهور معتزلة البصرة : حيث ذهبوا إلى أنه يجب على الله سبحانه وتعالى الأصلح بمعنى الأنفع للعبد فى دينه هذا الأنفع الواجب على الله تعالى للعبد ، قد حددوه بأنه خلق العبد ـ