فى باب كذا ، لا يعنون حقيقة الباب ، ولكن : كونه فى أمر هو فيه.
وقوله : (سُجَّداً).
يحتمل المراد من السجود : حقيقة السجود ؛ فيخرج على وجوه :
يخرج على التحية لذلك المكان.
ويخرج على الشكر له ؛ لما أهلك أعداءهم الذين كانوا فيها ، لقولهم : (إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) [المائدة : ٢٢].
ويحتمل : حقيقة السجود ؛ لما روى عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ بنى إسرائيل أمروا بالدخول سجدا فدخلوا منحرفين» (١) فما أصابهم إنما أصاب بخلافهم أمر الله.
ويحتمل : الكناية عن الصلاة ؛ إذ العرب قد تسمى السجود صلاة ؛ كأنهم أمروا بالصلاة بها.
ويحتمل الأمر بالسجود : لا حقيقة السجود والصلاة ، ولكن : أمر بالخضوع له والطاعة ، والشكر على أياديه التى أسدى (٢) إليهم وأنزل : من سعة التعيش ، والتصرف فيها فى كل حال ، والله أعلم.
وقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ).
قيل بوجهين :
قيل (٣) : الحطة : هو قول : لا إله إلا الله ، سميت حطة ؛ لأنها تحط كل خطيئة كانت من الشرك وغيره ؛ فكأنهم أمروا بالإيمان والإسلام.
وقيل (٤) : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) : أى اطلبوا المغفرة والتجاوز عما ارتكبوه من المآثم والخطايا ، والندامة على ما كان منهم ؛ فكأنهم أمروا أن يأتوا بالسبب الذى به يغفر الذنوب ، وهو الاستغفار ، والتوبة ، والندامة على ذلك ، والله أعلم.
وذلك يحتمل الشرك ، والكبائر ، وما دونهما.
__________________
(١) أخرجه البخارى (٤٤٧٩) ومسلم (٣٠١٥) ، وأحمد (٢ / ٣١٢ ، ٣١٨) والترمذى (٢٩٥٦) ، وابن جرير (١٠٢٠ ، ١٠٢١).
(٢) فى أ : أسند.
(٣) قاله عكرمة ، أخرجه ابن جرير (١٠١٦) وعبد بن حميد وابن أبى حاتم عنه كما فى الدر المنثور (١ / ١٣٨).
وهو قول ابن عباس أيضا ، أخرجه البيهقى فى الأسماء والصفات من طريق عكرمة عنه كما فى الدر المنثور (١ / ١٣٩).
(٤) هو قول ابن عباس وغيره أخرجه ابن جرير (١٠١٣) وانظر الدر المنثور (١ / ١٣٨ ، ١٣٩).