وسماه طيبات.
ويحتمل أنه سماه طيبات ؛ لما لا يشوبه داء يؤذيهم ، ولا أذى يضرهم ، ليس كطعام الدنيا مما لا يسلم عن ذلك ، والله أعلم.
وقد قيل : الطيب هو المباح الذى يستطيبه الطبع ، وتتلذذ به النفس.
وقوله : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ...) الآية.
وقد ذكرنا معنى الظلم فيما تقدم.
وقد يحتمل وجها آخر : وهو النقصان ؛ كقوله : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) [الكهف : ٣٣] أى : لم تنقص منه.
وحاصل ما ذكرنا : أن الظلم هو وضع الشىء فى غير موضعه ، وكل ما ذكرنا يرجع إلى واحد.
وقوله : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ).
اختلف فى تلك القرية :
قيل (١) : إنها بيت المقدس ، كقوله : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) [المائدة : ٢١].
أمروا بالدخول فيها ، والمقام هنالك ؛ لسعة عيشهم فيها ورزقهم ؛ إذ هو الموصوف بالسعة والخصب.
وقيل : إن تلك القرية التى أمروا بالدخول ، والمقام هنالك ، هى قرية على انقضاء التيه ، والخروج منها.
غير أن ليس لنا إلى معرفة تلك القرية حاجة ، وإنما الحاجة إلى تعرف الخلاف الذى كان منهم ، وما يلحقهم بترك الطاعة لله والائتمار ، والله أعلم.
وقوله : (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً).
والرغد قد ذكرنا فيما تقدم : أنه سعة العيش ، وكثرة المال.
وقوله : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً).
يحتمل المراد من الباب : حقيقة الباب ، وهو باب القرية التى أمروا بالدخول فيها.
ويحتمل المراد من الباب : القرية نفسها ، لا حقيقة الباب ؛ كقوله : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) ذكر القرية ولم يذكر الباب ، وذلك فى اللغة سائغ (٢) ، جائز ؛ يقال : فلان دخل
__________________
(١) أخرجه ابن جرير عن قتادة (١٠٠٠) والسدى (١٠٠١) والربيع (١٠٠٢) وانظر الدر المنثور (١ / ١٣٨ ـ ١٣٩).
(٢) فى أ : شائع.