وهلاك العقل والذهن ، كقوله : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) [الأعراف : ١٤٣] قيل (١) : مغشيّا.
وفيه هلاك الذهن والعقل ؛ وكذلك قوله : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الزمر : ٦٨] أى غشى. والله أعلم.
وقيل (٢) : الصعقة : صياح شديد.
وقوله : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
قيل فيه بوجهين :
قيل : تعلمون أن الصاعقة قد أخذتهم وأهلكتهم بقولهم الذى قالوا ؛ فكونوا أنتم على حذر من ذلك القول.
وقيل (٣) : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) ـ الخطاب لأولئك الذين أخذتهم الصاعقة ـ أى : تنظرون إلى الصاعقة وقت أخذتها لكم ، أى : لم تأخذكم فجأة ، ولا بغتة ، ولكن عيانا جهارا ، والله أعلم.
وقوله : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى).
يذكرهم ـ عزوجل ـ عظيم منّته عليهم ، وجزيل عطائه لهم ؛ ببعثهم بعد الموت ، وتظليل الغمام عليهم ، وإنزال المن والسلوى من السماء لهم ، وذلك مما خصوا به دون غيرهم.
ثم ما كان لنا من الموعود فى الجنة ، فكان ذلك لهم فى الدنيا معاينة ، من نحو البعث بعد الموت ومن الظل الممدود ، والطير المشوى ، والثياب التى كانت لا تبلى عليهم ولا تتوسخ ؛ فذلك كله مما وعد لنا فى الجنة ، وكان لهم فى الدنيا معاينة يعاينون.
مع ما كان لهم هذا لم يجيبوا إلى ما دعوا ، ولا ثبتوا على ما عاهدوا ، وذلك لقلة عقولهم ، وغلظ أفهامهم ، ونشوئهم على أخلاق البهائم والدواب ، والله أعلم.
وقوله : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ).
يحتمل وجهين :
يحتمل : ما لم يحل لهم الفضل على حاجتهم ، فأباح لهم القدر الذى لهم إليه حاجة ،
__________________
(١) قاله ابن جرير (١ / ٣٣٠).
(٢) أخرجه ابن جرير عن الربيع بن أنس بنحوه (٩٥٣).
(٣) قاله ابن جرير (١ / ٣٣٠).