كان ذلك أنفع لهم ، وأهون عليهم ، من جهة الرعى والربع وسعة المنازل.
وفى الأول : سبق المعنى الذى وصفنا ، والله أعلم.
وقوله : (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ).
أى : موردهم.
وفيه دلالة قطع التنازع ، ودفع الاختلاف من بينهم ؛ لما بين لكل فريق منهم موردا على حدة.
ولو كان مشتركا لخيف وقوع التنازع والاختلاف بينهم ، وفى وقوع ذلك بينهم قطع الأنساب والأرحام ، وبالله التوفيق.
وقوله : (كُلُوا).
يعنى : المنّ والسلوى.
وقوله : (وَاشْرَبُوا) من رزق الله ، من الماء الذى أخرج لهم من الحجر ، وكلاهما رزق الله ، الذى ساقه إليهم ، من غير تكلف ولا مشقة.
وقوله : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).
قيل (١) : لا تسعوا فى الأرض بالفساد.
ويحتمل : لا تعثوا ، أى : لا تفسدوا ؛ لأن العثوّ هو الفساد نفسه ، كأنه قال : لا تفسدوا فى الأرض ؛ فتكونوا مفسدين.
وقوله : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ).
قيل فيه بوجوه :
قيل : أول ما أنزل المن ، فعند ذلك قالوا : لن نصبر على طعام واحد ، ثم أنزل السلوى.
وقيل (٢) : كانوا يتخذون من المن القرص ، فيأكلون مع السلوى ، فهو طعام واحد ؛ فقالوا : لن نصبر عليه.
ويحتمل : أن يكون طعامهم فى اليوم مرة ؛ فطلبوا الأطعمة المختلفة. والله أعلم.
وقوله : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها).
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (١٠٥٤) وعن أبى العالية (١٠٥١) ، وانظر الدر المنثور (١ / ١٤٠).
(٢) ذكره البغوى فى تفسيره بنحوه (١ / ٧٨).