ولو كان ذلك أصلح لهم فى الدين ، لم يكن موسى ليلومهم عليه. ثبت أنه لم يكن ، ثم أعطوا ذلك. ثبت أن الله تعالى قد يجوز له ـ فى الحكمة ـ فعل ما كان غيره أصلح لهم فى الدين ، ولا قوة إلا بالله.
وقوله : (اهْبِطُوا مِصْراً).
قيل (١) : المصر المعروف.
وقيل (٢) : مصر من الأمصار ؛ لأن ما طلبوا لا يوجد إلا فى الأمصار ، وبالله التوفيق.
وقوله : (فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ).
من الأطعمة المختلفة إن كان المراد منه المراد ، وإن كان الأطعمة المختلفة فهو كما قال.
وقوله : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ).
قيل فيه بوجوه :
قيل : الذلة : ذلة احتمال المؤنة والشدائد ؛ لما سألوا من الأطعمة المختلفة.
وقيل (٣) : الذلة : ذلة الجزية والصغار ؛ بعصيانهم ربّهم.
وقيل : ذلة الكسب والعمل ؛ لأن الأول كان يأتيهم من غير كسب ولا مئونة.
وقوله : (وَالْمَسْكَنَةُ).
قيل (٤) : هى الفقر والحاجة.
وقيل : قطع رجائهم من الآخرة ، ؛ لما عصوا ربهم.
وقوله : (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ).
قيل فيه بوجوه :
قيل (٥) : باءوا : رجعوا.
وقيل : استوجبوا.
وقيل (٦) : أقروا ، وكله يرجع إلى واحد.
__________________
(١) هو قول أبى العالية ، أخرجه ابن جرير عنه (١٠٨٧) ، وانظر الدر المنثور (١ / ١٤٢).
(٢) هو قول قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (١٠٨٢ ، ١٠٨٤) وعن السدى (١٠٨٣) ومجاهد (١٠٨٥).
(٣) قاله الحسن وقتادة ، أخرجه ابن جرير عنهما (١٠٨٩) ، وانظر الدر المنثور (١ / ١٤٢).
(٤) قاله السدى ، أخرجه ابن جرير عنه (١٠٩١) وعن أبى العالية (١٠٩٠) وانظر الدر المنثور (١ / ١٤٢).
(٥) قاله ابن جرير (١ / ٣٥٦) ، وذكره السيوطى فى الدر المنثور (١ / ١٤٢) وعزاه لعبد بن حميد عن قتادة وقال : (انْقَلَبُوا).
(٦) قاله أبو عبيدة كما فى تفسير البغوى (١ / ٧٨).