على مشيئة الله على قولهم (١) ـ فنعوذ بالله من السّرف فى القول ، والجهل فى الدين.
وقوله : (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها).
قيل (٢) : لم يذللها للعمل ؛ أى : لم يزرع عليها ، ولا هى مما يسقى عليها الحرث.
وقيل : (لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ) ؛ أى : بقرة وحشية صعبة ، تثير الأرض ، ولكن إثارة الأرض لم تذللها ؛ لصعوبتها وشدتها.
وقوله : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ).
قيل فيه بوجوه :
(وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) ، خوفا على أنفسهم أن يفتضحوا لظهور القاتل.
وقيل (٣) : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) لغلاء ثمنها.
والأول أقرب ، والله أعلم.
وقيل : إنهم استقصوا فى صفة تلك البقرة ، والسؤال عن أحوالها ، والاستقصاء فى الشىء ربما يكون للمدافعة ، والله الموفق.
وفى قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) دليل لأبى حنيفة ـ رحمهالله وأصحابه ـ أن من خلف لا يأكل لحم بقرة ، فأكل لحم ثور حنث ؛ لأن الله تعالى ذكر البقرة ، ثم بين فى آخره ما يدل أنه أراد به الثور ؛ لقوله : (لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ).
والثور هو الذى يثير الأرض ، ويسقى الحرث ، دون الأنثى منها ؛ لذلك كان الجواب على ما ذكرنا.
إلا أن يكونوا هم كانوا يحرثون بالأنثى منها كما يحرث أهل الزمان بالذكر ، فحينئذ لا يكون فيه دليل لما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).
فى الآية : دليل مراد الخصوص ـ وإن خرجت فى الظاهر مخرج العموم ـ لأنه قال عزوجل : (قَتَلْتُمْ) ، وإنما قتله واحد ، وقال : (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) ، وإنما كان كتمه الذى قتله.
__________________
(١) فى أ : قلوبهم.
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (١٥٢٥) وعنه السدى (١٢٥٣) ، وأبو العالية (١٢٥٤) وانظر الدر المنثور (١ / ١٥٢).
(٣) قاله محمد بن كعب القرظى ، أخرجه ابن جرير عنه (١٢٧٨ ، ١٢٧٩) وانظر الدر المنثور (١ / ١٥٢).