اللهِ).
وهذا يردّ على الشافعى قوله ؛ لأنه يقول : إن صلى إلى جهة القبلة يجوز ، وإلا فلا. وليس فى الآية ذكر جهة دون جهة ، بل فيها ذكر المشرق والمغرب ، وكذلك فى الخبر ذكر المشرق والمغرب ؛ فخرج قوله على ظاهر الآية ، وهذا عندنا فى الاشتباه والتحرى ، وأما عند القصد فهو قوله : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
وروى عن ابن عمر ـ رضى الله عنه ـ أن قوله : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ...) الآية ، نزلت فى النوافل فى الأسفار (١).
ولكن عندنا على ما ذكرنا فى الكل ، والله أعلم.
وقوله : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
اختلف فيه :
قيل : ثم وجه الله ، يعنى : ثمّ ما قصدتم وجه الله.
وقيل (٢) : ثمّ قبلة الله.
وقيل : ثمّ وجه الله : ثم الله. على ما ذكرنا من جواز التكلم بالوجه على إرادة الذات ، أى : ليس هو عنهم بغائب.
وقيل (٣) : ثمّ رضاء الله.
وقيل : ثم ما ابتغيتم به وجه الله.
وقيل فيه : ثم وجه الذى وجهكم إليه إذا لم يجئ منكم التقصير ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى أكل الناسى : «إنما أطعمك الله وسقاك» (٤).
وقيل فيه : ثم بلوغكم ما قصدتم بفعل الصلاة من وجه الله ورضائه ، أى : ظفرتم به.
ثم الغرض فى القبلة ليس إصابة عينها ، ولكن أغلب الظن ، وأكبر الرأى ؛ لأنه ليس لنا إلى إصابة عينها سبيل ؛ إذ سبيل معرفتها بالاجتهاد ، لا باليقين والإحاطة ، ليس كالمياه والأثواب وغيرها من الأشياء ؛ لأن هذه الأشياء فى الأصل طاهرة ، والنجاسة عارضة فيظفر بأعينها على ما هى فى الأصل.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (١٨٤١ ، ١٨٤٢). وانظر الدر المنثور (١ / ٢٠٥).
(٢) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (١٨٥٠ ، ١٨٥١). وانظر الدر المنثور (١ / ٢٠٦).
(٣) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ١٠٨).
(٤) أخرجه البخارى (٤ / ٦٥٨) ، كتاب الصوم ، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا (١٩٣٣) ، ومسلم (٢ / ٨٠٩) ، كتاب الصيام ، باب أكل الناسى وشربه (١٧١ / ١١٥٥) ، عن أبى هريرة بلفظ : «إذا نسى فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه».