وجل. : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة : ٤].
وقيل (١) : أراد بمساجد الله : بيت المقدس ؛ قيل (٢) : إن النصارى استعانوا ببخت نصّر (٣) وهو رئيس المجوس ، حتى خربوا المساجد ، وقتلوا من فيها من أهل الإسلام ، ثم بنى أهل الإسلام ـ بعد ذلك بزمان ـ مساجد ، فكان لا يدخل نصرانى فيها إلا خائفا ، مستخفيا. والله أعلم.
وقوله : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ).
قيل (٤) : الخزى : الجزية. ويحتمل القتال ، (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ).
وقوله : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
قيل (٥) : إن رهطا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم انطلقوا سفرا ، وذلك قبل أن تصرف القبلة إلى الكعبة ، فحضر وقت الصلاة ، فاشتبه عليهم ، فتحرّوا : فمنهم من صلى إلى المشرق ، ومنهم من صلى إلى المغرب ؛ صلوا إلى جهات مختلفة ، فلما بان لهم ذلك قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسألوا عن ذلك ؛ فنزلت الآية فيهم (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (١٨٢٢) وعن مجاهد (١٨٢٣) ، (١٨٢٤) وانظر الدر المنثور (١ / ٢٠٤).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (١٨٢٥ ، ١٨٢٦) ، وعن السدى (١٨٢٧) وانظر الدر المنثور (١ / ٢٠٤).
(٣) وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبى : كان بخت نصر أصفهبذا لما بين الأهواز إلى الروم للملك على الفرس وهو لهراسب. وكان قد بنى مدينة بلخ التى تلقب بالخنساء ، وقاتل الترك وألجأهم إلى أضيق الأماكن وبعث بختنصر لقتال بنى إسرائيل بالشام فلما قدم الشام صالحه أهل دمشق ، وقد قيل إن الذى بعث بختنصر إنما هو بهمن ملك الفرس بعد بشتاسب بن لهراسب وذلك لتعدى بنى إسرائيل على رسله إليهم. وقد روى ابن جرير : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن سليمان بن بلال عن يحيى ابن سعيد الأنصارى ، عن سعيد بن المسيب : أن بختنصر لما قدم دمشق وجد بها دما يغلى على كبا يعنى القمامة فسألهم ما هذا الدم؟ فقالوا أدركنا آباءنا على هذا وكلما ظهر عليه الكبا ظهر قال فقتل على ذلك سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم فسكن. وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب وقد تقدم من كلام الحافظ ابن عساكر ما يدل على أن هذا دم يحيى بن زكريا وهذا لا يصح لأن يحيى بن زكريا بعد بختنصر بمدة والظاهر أن هذا دم نبى متقدم أو دم لبعض الصالحين أو لمن شاء الله ممن الله أعلم به.
(٤) قاله السدى أخرجه ابن جرير عنه (١٨٣١) ، وعن قتادة أخرجه ابن جرير (١٨٢٩ ـ ١٨٣٠) وعبد الرزاق كما فى الدر المنثور (١ / ٢٠٤).
(٥) أخرجه عبد بن حميد (٣١٦) والترمذى (١ / ٣٧٥) كتاب الصلاة باب ما جاء فى الرجل يصلى لغير القبلة فى الغيم (٣٤٥) ، وابن ماجه (٢ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧) كتاب إقامة الصلاة باب من يصلى لغير القبلة (١٠٢٠) ، والدار قطنى (١ / ٢٧٢) ، وأبو نعيم فى الحلية (١ / ١٧٩ ـ ١٨٠) ، والبيهقى (٢ / ١١) ، عن عامر بن ربيعة بنحوه ، وقال الترمذى : هذا الحديث ليس إسناده بذلك لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يضعف فى الحديث.
وفى الباب شواهد انظرها فى الدر المنثور (١ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦).