مكون ؛ ليكون كل شىء فى الوقت الذى أراد كونه فيه ، وبالله التوفيق.
وقوله : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ).
قيل فيه بوجوه :
قيل : الّذين لا يعلمون ، يعلمون فى الحقيقة ، ولكن سماهم بذلك ؛ لما لم ينتفعوا بعلمهم.
وقيل (١) : لا يعلمون توحيد ربهم ؛ وهم مشركو العرب. قالوا للنبى صلىاللهعليهوسلم : هلا يكلمنا الله ، أو تأتينا آية فتخبرنا بأنك رسوله.
وقيل : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) ، أى : لا يعلمون أنهم لم يبلغوا المبلغ الذى يتمنون تكليم الله إياهم.
وقيل : (لا يَعْلَمُونَ) أنه قد كلمهم وأخبرهم بالوحى ، وإيتاء رسوله صلىاللهعليهوسلم آيات على رسالته ، لكنهم يعاندون.
وقوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).
قيل : الذين من قبلهم : بنو إسرائيل ؛ قالوا لموسى مثل ما قال مشركو العرب لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وهو قوله : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) [الفرقان : ٢١].
وقيل (٢) : اليهود سألوا مثل سؤال النصارى.
وقيل : النصارى سألوا مثل سؤال اليهود ، والله أعلم.
وقوله : (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ).
بالكفر والسفه.
وقيل : تشابهت قلوبهم فى المقالة ؛ يشبه بعضها بعضا فى السؤال ؛ لأنهم سألوا سؤال تعنت ، لا سؤال مسترشد.
وقوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
يحتمل وجهين :
أحدهما : هذا القول.
والثانى : أن يسألوا سؤال التعنت والعتو ، لا سؤال مسترشد ؛ إذ الله ـ تعالى ـ قد أثبت آيات الإرشاد لمن يبتغى الرشد ، ولا قوة إلا بالله.
وقوله : (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
__________________
(١) قاله قتادة والربيع والسدى ، أخرجه ابن جرير عنهم (١٨٦٥ ، ١٨٦٦ ، ١٨٦٧). وانظر تفسير البغوى (١ / ١٠٩).
(٢) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (١٨٦٩ ، ١٨٧٠).