وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ).
قيل : استحبوا الضلالة على الهدى.
وقيل : اختاروا العذاب على المغفرة. وما قاله الكلبى فهو أحسن : أنهم اشتروا اليهودية ـ التى هى تحصل عذابا ـ بالإيمان ـ الذى يحصل مغفرة ـ وقد ذكرنا هذا فيما تقدم أيضا.
وقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ).
قيل (١) : فما أدومهم فى النار.
وقيل (٢) : فما أصبرهم على العمل الذى يوجب لهم النار.
وقيل : فما أجرأهم على عمل أهل النار.
وقيل (٣) : ما أعملهم بأعمال أهل النار.
وقال الحسن (٤) : فما لهم عليها صبر ولكن ما أجرأهم على النار.
وقد يقال لمن يطول حبسه : فما أصبرك على الحبس. لا على حقيقة الصبر ، لكن على وجوده فيه.
وقوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ).
أى : خالفوا. وإلا قد اختلف أهل الإيمان والكفر ، ولكن أراد ـ والله أعلم ـ بالاختلاف : الخلاف ، أى : خالفوا الكتاب ولم يعملوا به.
(لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ)
قيل (٥) : لفى خلاف بعيد.
وقيل : لفى ضلال طويل.
وقيل (٦) : لفى عداوة بعيدة.
وقيل : حرف «البعيد» فى الوعيد إياس ؛ كأنه قال : لا انقطاع له.
* * *
__________________
(١) قاله الكسائى كما فى تفسير البغوى (١ / ١٤٢).
(٢) قاله قتادة بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٥٠٨) ، ونسبه البغوى (١ / ١٤٢) للحسن وقتادة.
(٣) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير عنه (٢٥١٩).
(٤) أخرجه ابن جرير (٢٥١٠) ، وانظر تفسير البغوى (١ / ١٤٢).
(٥) قاله البغوى (١ / ١٤٢).
(٦) قاله السدى ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٥٢٠).