فلما كان آخر عصر التابعين ـ وهو حدود الخمسين ومائة ـ تكلم في التوثيق والتضعيف أئمة.
وقال صالح جزرة : أول من تكلم في الرجال شعبة ، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ، ثم أحمد وابن معين.
قال السيوطي : يعني أنه أول من تصدى لذلك ، وإلا فقد سبقهم من الصحابة والتابعين من علمت.
وألف في الجرح والتعديل أئمة في الحديث.
منهم من ألف في الضعاف كالبخاري والنسائي والعقيلي والدارقطني وغيرهم.
ومنهم من ألف في الثقات كابن حبان.
ومنهم من ألف فيهما كالبخاري وابن أبي خيثمة ، وابن أبي حاتم.
ومن أشهر علماء الجرح والتعديل : يحيى بن سعيد القطان المتوفى سنة ١٨٩ ه ، وعبد الرحمن بن مهدي المتوفى سنة ١٩٨ ه ، ويحيى بن معين المتوفى سنة ٢٣٣ ه ، وأحمد بن حنبل المتوفى ٢٤١ ه (١).
٤ ـ علم الفقه :
علم الفقه : هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية.
ظهرت فكرة كتابة بعض الأحكام الفقهية منذ عصر النبي ... وعصر الخلافة الراشدة ، غير أننا لا نستطيع أن نقول : إن علم الفقه ظهر في هذه المرحلة من تاريخ الإسلام ؛ لأن هذه الكتابات ـ وإن سلمنا بوجودها ـ لا تمثل ظاهرة عامة جديرة بأن تؤسس علما مهما كعلم الفقه له أصوله وقواعده ، وغاية الأمر أن هذه الكتابات دليل على أن مسائل علم الفقه شغلت المسلمين منذ طور مبكر ، وأنها كذلك إرهاص مؤذن لنشأة علم الفقه في مرحلة تالية ، وإن كانت هي بذاتها لا تمثل علما ولا ترقى إلى رتبته ، كما نفهم نحن مصطلح العلم من ضرورة أن يتاح له منهج في الدرس ومادة مجموعة ومسائل مرتبة وعلماء يتوفرون عليه.
إن فكرة التدوين الفقهي المنظم وليدة القرن الثاني الهجري ، حيث تدلنا المصادر
__________________
(١) ينظر في كل ذلك : تاريخ التشريع للخضري ص (١٥١ ـ ١٥٣) ، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد يوسف موسى (٢ / ٥٢ ـ ٥٥) ، وتاريخ التشريع الإسلامي ومصادره للدكتور محمد سلام مدكور ص (٢٠٦ ـ ٢٠٨).