وقد استفاد الماتريدي من مميزات نشأته في هذه البيئة فبرز في علوم شتى ، أهمها : العقيدة ، والتفسير فكان واحد عصره وإمام دهره.
موقع سمرقند الجغرافي وحدودها :
تقع سمرقند في القارة الآسيوية ، وكانت عاصمة لبلاد الصغد فيما وراء النهر ، وتقع خلف نهر جيحون على الضفة الجنوبية منه ، وتقع بخارى على الضفاف السفلى من هذا النهر ، ويتبع سمرقند مدن : كرمانة ، ودبوسية ، وأشروسنة ، والشاس ، وتخسانجكث.
ولها حصن استدارة حائطه اثنا عشر فرسخا في أعلاه أبرجة للحرب ، وكان لها أربعة أبواب : باب مما يلي المشرق يعرف بباب الصين ، مرتفع من جهة الأرض ، ينزل إليه بدرج مطل على وادي الصغد ، وباب مما يلي المغرب ويعرف بباب النوبهار ، وباب مما يلي الشمال يعرف بباب بخارى ، وباب مما يلي الجنوب يعرف بباب كش (١).
سمرقند إداريّا :
خضعت سمرقند بعد الفتح الإسلامي لحكم الدولة الأموية ، ولما سقطت الدولة الأموية صارت إلى الدولة العباسية ، حتى جاء عصر الدويلات ، فتبادلت عليها ممالك عدة ، حتى خضعت لحكم السلاجقة كسائر بلاد ما وراء النهر ، ثم خضعت للمغول حتى أجلتها الروس بعد غزوها عام ١٨٧٥ م ، فأصبحت خاضعة من الناحية الإدارية للاتحاد السوفيتي سابقا ، وهي الآن أصبحت تابعة لجمهورية أوزبكستان (٢).
الحركة الثقافية في سمرقند :
تمتعت سمرقند بمكانة علمية وثقافية مرموقة ، فقد خرج منها علماء أفذاذ في تاريخ الإسلام ، كانت لهم بصمتهم الواضحة في الفكر الإسلامي ، بل والإنساني ، من أمثال : البخاري ، ومسلم ، وأبي زيد الدبوسي ، وآل البزدوي ، والكاساني ، وعبد الله النسفي ، وأبي الحسن الكرخي ، والجصاص الرازي ، وأبي بكر الشاشي وغيرهم (٣) من قادة الفكر الإسلامي ، ممن لا يتسع المقام لذكرهم.
هذه هي البيئة التي نشأ فيها الماتريدي ، وهي بيئة ـ من غير شك ـ تساعد على مدارسة العلم وتحصيله والنبوغ فيه ، ولقد كان لها أكبر الأثر في نبوغ صاحبنا الماتريدي.
__________________
(١) ينظر : تاريخ الشعوب الإسلامية لكارل بروكلمان (١ / ١٦٦) ، ومعجم البلدان (٣ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠) ، وصبح الأعشى (٤ / ٤٣٦).
(٢) ينظر : تاريخ الإسلام (٤ / ٣٤ ، ٣٥) ، والمعجم الجغرافي (ص ٩).
(٣) ينظر : صبح الأعشى (٤ / ٤٣٦).