ولكن قلبي حلّ فيها فعاقني |
|
وأقعدني بالصغر عن فسحة الفضا |
وإني لممن يرقب الدهر راجيا |
|
ليوم سرور غير مغرى بما مضى |
وقال البستي :
للناس في أخراهم جنة |
|
وجنة الدنيا سمرقند |
يا من يسوي أرض بلخ بها |
|
هل يستوي الحنظل والقند (١) |
دخول الإسلام سمرقند :
وأول من دخل سمرقند من المسلمين وفتحها هو سعيد بن عثمان عند ما ولي خراسان من جهة معاوية سنة خمس وخمسين من الهجرة ، فقد عبر النهر ونزل عليها محاصرا ، لكنه تركها ، ومن ثم قال يزيد بن مفرغ يمدح سعيد بن عثمان وكان قد فتحها :
لهفي على الأمر الذي |
|
كانت عواقبه الندامه |
تركي سعيدا ذا الندى |
|
والبيت ترفعه الدعامه |
فتحت سمرقند له |
|
وبنى بعرصتها خيامه |
وتبعت عبد بني علا |
|
ج تلك أشراط القيامه (٢) |
وفي سنة سبع وثمانين من الهجرة عبر قتيبة بن مسلم الباهلي النهر وغزا بخارى والشاش ونزل على سمرقند ، وهي غزوته الأولى ، ثم غزا ما وراء النهر عدة غزوات في سنين سبع ، وصالح أهلها على أن له ما في بيوت النيران وحلية الأصنام ، فأخرجت إليه الأصنام وأمر بتحريقها ، فقال سدنتها : إن فيها أصناما من أحرقها هلك ، فقال قتيبة : أنا أحرقها بيدي ، وأخذ شعلة نار وأحرقها ، فاضطرمت ، فوجد بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب خمسين ألف مثقال (٣).
ويمكن أن نقول : إن الماتريدي عاش في عصر الدولة السامانية التي وليت سمرقند ما بين ٢٦١ ـ ٣٨٩ ه ، وكان ملوكها أحسن الملوك سيرة وإجلالا للعلم وأهله (٤) كما أشرنا من قبل.
لقد نشأ الماتريدي في هذه المدينة التي تتمتع بخصائص ومميزات ، سواء من ناحية طبيعتها ، أو أهلها ، أو حتى حكامها ، وهذه أمور تساعد على تحصيل العلم والبروز فيه ،
__________________
(١) ينظر : الموسوعة الذهبية (٣٩٤) ، وانظر : ميزان الأصول (١ / ٢١).
(٢) ينظر : الكامل لابن الأثير (٤ / ٢٣٤ ـ ٢٣٦) ، ومعجم البلدان لياقوت الحموي (٣ / ٢٧٩) ، وميزان الأصول (١ / ٢٢).
(٣) المرجعان السابقان ، وانظر : الموسوعة الذهبية (ص ٣٩٣) ، والبداية والنهاية (٨ / ٧٩).
(٤) ينظر : أحسن التقاسيم للمقدسي (ص ٣٣٨ ـ ٣٣٩) ، وظهر الإسلام لأحمد أمين (ص ٢٥٩).