لا ينفك غالبا عن التشوق إلى المغفرة والاستحياء من الله سبحانه واما اشتراط الاستغفار الإنشائي باللسان فلم اتحصل دليل على وجوبه واما بناء على ما ذكرنا فهو الندم والقيام بما يحققه من الأعمال لا الندم فقط مثلا الحابس حقوق الناس لا بد له من الندم والتخلص من مظالم العباد وهكذا غيره من الأعمال. ثم لا يخفى ان التوبة تختلف مراتبه بحسب اختلاف مراتب التأبين فلا محالة تختلف مراتب التوبة وتنقسم إلى الأكمل والكامل وعلى ذلك يحمل اختلاف الروايات الواردة في بيان حقيقة التوبة.
(واما فضيلة التوبة)
قال تعالى الله (يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ). (شورى ١٣) فكفى بها فضلا وشرفا انها من أعظم الفرائض وأجل العبادات والله سبحانه يهدي الى جنابة من ينيب اليه فإنابة العبد الى الله ووقوفه موقف التسليم بين يدي ربه وقوف المستسلم الذليل ، وقوف من لا رب له الا الله وحده ويسأله ويتضرع إليه إيفاء لوظيفة العبودية ورفع الغفلات عنه ونزول السكينة الإلهية عليه عين الهداية الربانية قد دخل حريم الانس وجلس بساط القرب وقد قبض الله قلبه اليه وأطلق لسانه بالتمجيد له حتى اقبل بكله وكنه همته الى الله مناجيا باكيا قلقا وقد اقبل الله تعالى إليه إقبال الشفيق ونصت اليه إنصات الصديق ويجيبه إجابات الأحباء ويناجيه مناجاة الأصدقاء.
قوله تعالى (التَّوَّابِينَ) ـ إثبات الحب للتوابين لا ينافي حبه للتائبين ولعل العناية فيه عدم بأسه من الله سبحانه فاذا زلت قدمه بعد التوبة الاولى يرجع الى ربه ثانيا مرة بعد اخرى فاليأس بعد تكرر التوبة وتكرر نقضها حرام بين ومن تسويلات الشيطان وتكرر الرجوع الى جنابه وثوق بسعة كرمه وفوز حسان فلا يضيق فضله عن مغفرة المذنبين.
ويحتمل ان يكون التواب مبالغة من حيث الكيفية أي من يكون قويا في التوبة شديد التمسك كما ذكره السيد السند (قده) في شرح الصحيفة المباركة وفي التعبير بأن المؤكدة وتصدير الجملة بها في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) اشعار بكمال العناية للتوابين ولتثبيت محبته تعالى لهم. وفي شرح الصحيفة في قوله (ع) انك قلت في محكم كتابك انك تقبل التوبة عن عبادك وتعفو عن السيئات وتحب التوابين فأوجب لي محبتك كما شرطت. الدعاء.