الإشكال الثاني
قوله : وكيف يصح الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الصلاة التي أمر بها ...
لمّا فرغ المصنّف قدسسره عن بيان الإشكال الأوّل شرع في بيان الإشكال الثاني وقال رحمهالله : انّ ظاهر اطلاقات الأصحاب (رض) أن من أتى بالتمام في موضع القصر جهلا بالحكم يستحق العقاب حتى فيما إذا تمكّن من الإعادة في الوقت بأن ارتفع جهله به وقد بقى من الوقت مقدار إعادتها قصرا ، أو جهرا والاستحقاق المذكور مشكل جدّا ، إذ لا وجه لاستحقاق العقاب بعد التمكّن من الإتيان بالمأمور به والواجب في الوقت وفي وقته ، هذا تمام الإشكالين الواردين في هذا المقام.
أجاب المصنّف قدسسره عن الإشكال الأوّل بقوله : امّا صحّة الصلاة تكون بملاحظة اشتمال صلاة التمام في موضع القصر على المصلحة التامّة التي تكون لازمة الاستيفاء بحيث لو لم تشرع صلاة القصر لكانت صلاة التمام واجبة بالفعل ومأمورا بها ، ولكن لما أمر فعلا بصلاة القصر وهي تكون ذات مصلحة تامّة وضد التمام.
ومن الواضح ان الأمر بضدّين غير صحيح في وقت واحد ، ولهذا ليس لصلاة التمام أمر بالفعل ولكن لا يلزم في صحّة الصلاة وجود الأمر بل اشتمالها على المصلحة التامّة يكفي في صحّتها وقد سبق هذا المطلب في بحث اجتماع الأمر والنهي في الجزء الأوّل.
وعلى طبيعة الحال فلا إشكال في صحتها. نعم يرد هذا الاشكال على من اعتبر في صحّة العبادات وجود الأمر المولوي ، كالشيخ البهائي ومن تبعه ، ولا بدّ له من أن يقول بتحقّق الأمر على نحو الترتّب ، أو بمنع تعلّق الأمر فعلا بالواقع المتروك وهو القصر والجهر ، أو الاخفات ، أو بمنع التنافي بين الأمر بالقصر وبين الأمر بالتمام.