أجاب عن الإشكال الثاني بأن مصلحة الواقع غير قابلة للاستيفاء والتدارك بعد الإتيان بصلاة التمام في موضع القصر ، أو الجهر في موضع الاخفات ، أو بالعكس أي الاخفات في موضع الجهر والاجهار جهلا بالحكم فاستحقاق العقاب انّما يكون لفوت الواقع عنه بسوء اختياره وهو ترك التعلّم المفضي إلى فوت الواجب الواقعي اللوح المحفوظي فاستحقاق العقاب ليس من جهة حكم الشارع المقدّس بصحّة الصلاة المأتي بها وهي التمام في موضع القصر والجهر في موضع الاخفات أو الاخفات في موضع الجهر.
فحكم الشارع المقدّس بالصحّة ليس بموجب لفوت الواقع بل إتيان العبد بالتمام موجب لعدم ادراك مصلحة صلاة القصر ولفوت الواقع فإتيان العبد ثانيا صلاة القصر لغو ومستدرك لخلوّها عن المصلحة الملزمة ، ولهذا لم يأمر بها الشارع المقدّس. ولهذا إذا التفت المكلف في الوقت وارتفع جهله فيه وكان قادرا على الإعادة في الوقت فهو ليس بلازم لأنّه لغو وإن لم ينقض الوقت فاستحقاق العقاب انّما يكون بواسطة فوت العبد الواقع والمأمور به الواقعي من جهة ترك التعلّم. وفي ضوء هذا البيان يرتفع الإشكالان معا كما لا يخفى.
قوله : ان قلت على هذا يكون كل منهما في موضع الآخر سببا لتفويت الواجب ...
فاستشكل أن بناء على ما تقدّم آنفا من أن مع استيفاء مصلحة الاتمام في موضع القصر ، أو مصلحة كل من الجهر والاخفات في موضع الآخر لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة التي هي في المأمور به ، وعليه يكون الاتمام في موضع القصر جهلا ، وهكذا كل من الجهر والاخفات في موضع الآخر كذلك سببا لتفويت الواجب الفعلي والسبب المفوّت للواجب حرام.
ومن الواضح ان حرمة العبادة توجب لفسادها بلا كلام ، وفي ضوء هذا فكيف يقال : ان التمام صحّ وتمّ وكذا الجهر ، أو الاخفات.