أجاب المصنّف قدسسره عنه : بأن التمام في موضع القصر وكذا كل من الجهر والاخفات في موضع الآخر ليس سببا لفوت الواجب بحيث يتوقّف الواجب على عدمه على نحو توقّف الشيء على عدم المانع كي يجب عدمه غيريا ومقدّميا وكي يحرم فعل التمام وكي يفسد ، بل التمام والقصر ضدّان وكذا الجهر والاخفات ضدّان.
وعليه فعدم كل منهما يكون في عرض وجود الآخر كما يكون عدم السواد في عرض وجود البياض لا تقدم لعدم السواد على وجود البياض كما ان وجود كل منهما في عرض عدم الآخر لا تقدّم لوجود كل واحد على عدم الآخر فليس بينهما توقف أصلا كي يكون عدم أحدهما مقدّمة لوجود الآخر.
وعليه فإذا وجب أحد الضدّين لم يحرم ترك الضد الآخر مقدّمة له كي يحرم فعله وكي يفسد إذا كان عبادة ، كما أنّه إذا وجب ترك أحد الضدّين لم يجب قبل الآخر مقدّمة له ، مثلا إذا أوجب المولى الجليل في السفر قصرا على عبده فلم يحرم ترك التمام مقدّمة لفعل القصر كي يحرم فعله ويفسد إذا كان عبادة كما انّه إذا وجب ترك أحد الضدّين لم يجب فعل الآخر مقدّمة له.
وقد انقدح لك عدم التمانع بين الضدّين وعدم التوقّف من الطرفين لا وجود هذا على عدم ذاك ولا عدم ذاك على وجود هذا ، وقد تقدّم هذا في مبحث الضدّ مشروحا.
قوله : لا يقال على هذا فلو صلّى تماما ، أو صلّى إخفاتا في موضع القصر والجهر ...
فإن قيل : إذا اشتمل التمام على مصلحة تامّة لازمة الاستيفاء موجبة لفوت مصلحة الواجب الفعلي وكذا الجهر إذا اشتمل عليها وكذا الاخفات.
وعليه فلو صلّى تماما ، أو صلّى اخفاتا في موضع القصر والجهر مع العلم بوجوبهما في موضعهما يلزم الحكم بصحّة صلاة التمام من العالم بوجوب القصر