أيضا مع استحقاقه العقوبة على مخالفة الواجب الفعلي وعلى مخالفة الأمر بالقصر أو الجهر ، إذ الفرض انّهما واجبان فعلا فتركهما عمدا يوجب استحقاق العقوبة.
والحال انّهما لا تصحان من العالم بوجوب القصر في السفر وبوجوب الجهر في الجهرية.
فإنّه يقال : انّا نكشف من الروايات الدالّة على صحّة صلاة التمام وتماميتها في موضع القصر حال الجهل بالحكم وبوجوب القصر وعلى صحّة صلاة الجهر وتماميتها في موضع الاخفات وبالعكس لاشتمالهما على المصلحة الملزمة. وعليه فلا مانع من القول بصحتهما وتماميتهما حال العلم بوجوب القصر والجهر الاخفات مثل سائر موارد التزاحم كالصلاة في حال انقاذ الغريق ، إذ اطلاق أدلّة صحّة الصلاة يدل على وجود مصلحة الصلاتي في حال التزاحم ولهذا يحكم بصحتها حاله.
امّا فيما نحن فيه فليس الدليل بموجود على صحتها في حال العلم ، إذ اطلاق أدلّة وجوب الصلاة تماما يقيد بوجوب القصر في السفر بل يعدّ تاركه عاصيا في لسان الأخبار وكذلك اطلاق أدلّة وجوب الصلاة ، كقوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) يقيد بوجوب الجهر في بعضها ، أو الاخفات في بعضها الآخر ، فليس الدليل بموجود يدل على مصلحة الصلاتي في الجهر موضع الاخفات حال العلم بوجوبه ، أو في الاخفات موضع الجهر حاله بوجوبه.
فالنتيجة إذا لم يكن الدليل بموجود على المصلحة الملزمة في التمام موضع القصر حال العلم ونحتمل أن تكون مخصوصة في حال الجهل.
وفي ضوء هذا إذا أتى التمام موضع القصر ، أو الجهر موضع الاخفات أو بالعكس في حال العلم فنقطع بالبطلان ، أو لا أقل نشك فيه ، إذ لا دليل على وجود المصلحة في التمام والجهر كي نحكم بصحّتها وحينئذ يحكم العقل بوجوب الإعادة والقضاء.