تعارض مع اصالة عدم وجوب الاجتناب عن أحد الإناءين ، وكذا في الثوبين المشتبهين حرفا بحرف وهكذا سائر الموارد.
قوله : ثانيهما أن لا يكون موجبا للضرر على آخر ...
قال الفاضل التوني رحمهالله : الشرط الثاني لاجراء أصل البراءة أن لا يكون إجراؤها موجبا للضرر على شخص آخر مثلا كما إذا فتح انسان قفس طائر فقد طار في الهواء ، أو حبس شاة فقد مات ولدها ، أو أمسك رجلا في مكان فقد هربت دابته فان اجراء البراءة فيها يوجب تضرّر المالك. وعلى هذا يحتمل اندراجه تحت قاعدة الاتلاف وعموم قول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» فان المراد نفي الضرر من غير جبران شرعا وإلّا فالضرر غير منفي ، فلا علم حينئذ ولا ظن بموجود بأن الواقعة المذكورة غير منصوصة فلا يتحقّق شرط التمسّك بالأصل من فقدان النص بل يحصل القطع بتعلّق حكم شرعي بالضار ولكن لا يعلم انّه مجرّد التعزير ، أو الضمان ، أو هما معا فينبغي له تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح ، هذا بحسب القواعد الفقهية.
فالنتيجة انّه لا تجري البراءة في الموارد المذكورة وذلك لأمرين :
أحدهما : أنّها ممّا توجب الضرر على المالك ، أي مالك الطير ومالك الشاة ومالك الدابة ، وحينئذ يحتمل اندراج المورد تحت قاعدتي الاتلاف والضرر والضرار فتكون هذه الموارد ممّا فيه النص لا ممّا لا نصّ فيه كي تجري فيه البراءة عقلا ونقلا.
ثانيهما : أنّه يعلم إجمالا بتعلّق حكم بالضار الفاتح الحابس الممسك ، امّا التعزير ، واما الضمان ، واما هما معا. ومن الواضح انّه مع هذا العلم الاجمالي لا تجري البراءة لا عقلا ولا شرعا ، فيجب عليه تحصيل العلم ببراءة الذمة ولو بالصلح كما لا يخفى.