وعليه فإن كان مقصود المشترط انّها لا تجري أصلا بعد الفحص واليأس في مثل هذا المقام ، أي إذا كان اجراء اصالة البراءة موجبا لثبوت حكم شرعي فذاك خلاف أدلّتها ، وان كان مقصوده أنّها تجري لكن لا يترتّب الحكم اللّازم ، أو الملازم فذاك خلاف الدليل الدال على اللزوم ، أو الملازمة فعدم استحقاق العقاب إن كان موضوعا لحكم شرعي وكذا الاباحة إذا كان موضوعا له كما إذا دخل وقت الظهرين مثلا ، ولكن شك المكلف في اشتغال ذمّته بواجب فوري وذلك كالدين المعجل فانّه تجري البراءة هنا لكون الشك في أصل التكليف وهو مجرى البراءة وبواسطة جريانها يثبت وجوب الصلاة فعلا وهو ملازم لنفي الدين ظاهرا ، وكذا أثبتنا بالأصل الشرعي حلية شرب التبغ وكذا يدل الدليل الشرعي على جواز بيع كل ما كان حلالا.
فالنتيجة : ان رفع التكليف ظاهرا الثابت بالبراءة لو كان ملازما لحكم شرعي فلا محيص عن ترتّب ذلك الحكم الشرعي ، فإذا دخل على المكلف الوقت وشك في دين حال بحيث يجب اداءه الآن على نحو يسقط به تنجّز الأمر بالصلاة فعلا لفورية الدين وسعة وقت الصلاة تجري البراءة ويثبت بها الحكم الشرعي الملازم للنفي الظاهري فإنّ مجرّد انتفاء الدين وإن كان ظاهرا بحسب الأصل وبوسيلته يكفي في وجوب الصلاة فعلا بعد دخول وقتها. نعم لا يثبت بها الحكم الشرعي الملازم للنفي الواقعي ، وذلك لابتنائه على القول بالأصل المثبت ولا نقول به كما سيأتي هذا إن شاء الله تعالى في محلّه.
قوله : فان لم يكن مترتّبا عليه بل على نفي التكليف واقعا ...
أي فان لم يكن الحكم الشرعي مترتّبا على رفع التكليف ظاهرا الثابت بالبراءة بل كان مترتّبا ، أو ملازما لنفي التكليف واقعا كما في مثال الإناءين المشتبهين ، إذ وجوب الاجتناب عن الآخر ملازم لنفي وجوب الاجتناب عن