والضررية نفي واقعي ونفي البقية نفي ظاهري بمعنى أن المرفوع فيها خصوص مرتبة التنجّز فقط لا الحكم من أصله.
ومن هنا يظهر أن حكومة أدلّة الحرج والضرر بناء على كونها لنفي الأحكام الحرجية والضررية حكومة واقعية من قبيل قوله عليهالسلام : «لا شك لكثير الشك» ، وفي البقية حكومة ظاهرية من قبيل حكومة قاعدة الطهارة على دليل اشتراط الصلاة والطواف بها.
ولكن ذهب المصنّف قدسسره في الجميع إلى التوفيق العرفي وسيأتي شرح الحكومة الواقعية والظاهرية في آخر بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
فالنتيجة : أن وجه تقدّم قاعدة لا ضرر ولا ضرار على سائر أدلّة الأحكام بعناوينها الاولى فعليتها والضرر عنوان ثانوي ، ولا ريب في أن أهل العرف يعدّون العنوان الأوّلي اقتضائيا والعنوان الثانوي فعليا ، وهم يقدّمون الفعلي على الاقتضائي كما يقدّمون العنوان الثانوي على العنوان الأوّلي في صورة المعارضة بينهما مثل تقدّم عنوان الحرج والاضطرار والاكراه على العناوين الأوّلية مثلا الآية الشريفة (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(١) تقتضي وجوب الصوم وجوبا اقتضائيا شأنيا بحيث ان الصوم مع قطع النظر عن طرو الضرر والاكراه ، أمّا إذا طرأ عليه عنوان الضرر فلا تقتضي وجوبه ، إذ يقدم العنوان الثانوي على العنوان الأوّلي ، وكذا عنوان الاكراه والحرج والسهو والنسيان والجهل وعدم الطاقة تقدّم على العناوين الأوّلية.
قوله : نعم ربّما يعكس الأمر فيما أحرز بوجه معتبر أن الحكم في المورد ...
وقد يكون الأمر بالعكس ، أي قد يقدّم دليل الحكم الأوّلي ، أو دليل الحكم الثانوي على قاعدة لا ضرر ولا ضرار فيما احرز بوجه معتبر ان الفعل بعنوانه الأولي ،
__________________
١ ـ سورة البقرة آية ١٨٣.