قال الشيخ الأنصاري قدسسره : وامّا إذا كان مدرك الحكم دليل النقل فلا مانع حينئذ من جريان الاستصحاب لأنّ الموضوع يكون بيد الشارع المقدّس يتصرّف فيه بقاء وزوالا كيف يشاء فاذا تغيّر بعض قيود الموضوع وبعض أجزائه لم يحرز لنا كونه مقوّما للموضوع فهو لا يوجب تغيّر الموضوع وزواله فلا جرم يكون الاتحاد بين القضيتين محفوظا من حيث الموضوع والمحمول بنظر العرف فيكون شرط الاستصحاب موجودا فلا مانع من جريانه فيها والشارع المقدّس يكون من أهل العرف بل رئيسهم وإمامهم.
امّا المصنّف صاحب الكفاية قدسسره فقد ذهب إلى بقاء الموضوع بحاله إذا تغيّر بعض قيوده وأجزائه سواء كان مدرك الحكم دليل العقل ، أم كان دليل النقل.
أمّا الثاني فواضح لأنّ تشخيص وحدة الموضوع في القضيتين انّما يكون بيد أهل العرف قطعا لأنّه مقصود بفهم الأحكام الشرعية وهو مخاطب بها.
وعليه فإذا كان الموضوع باقيا فلا إشكال حينئذ في جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية الكلية.
وأمّا الأوّل فلأنّ الحكم الشرعي الذي يستكشف بالعقل ، وذلك كقبح الظلم وحسن العدل لأنّهما يستكشفان بالعقل ولهذا حكم الشارع المقدّس بحرمة الأوّل ووجوب الثاني ، ولكن إذا عرض الاضطرار والضرورة إلى إتيان الأوّل وترك الثاني فينتفي حينئذ ما احتمل دخله في موضوع الحكم الشرعي وذلك كعنوان الضرر بالنسبة إلى حرمة الكذب المضر.
فإنّ الضرر ممّا يحتمل دخله في الموضوع لكنّه ليس مقوّما للموضوع لأنّ الكذب حرام شرعا سواء كان مضرّا ، أم لم يكن مضرّا ، وكذا عنوان النفع بالإضافة إلى وجوب الصدق فانّه ممّا يحتمل دخله في الموضوع لكنّه ليس مقوّما للموضوع لأن الصدق واجب شرعا سواء كان نافعا ، أم لم يكن بنافع ، وكذا عنوان القبح