لم يكن لوجود القيد دخل واقعا في نفس وجود الملاك ، ولازم ذلك المطلب انّه إذا انتفى مثل القيد المذكور ينتفي حكم العقل جزما ويكون ملاكه محتمل البقاء واحتمال بقاء الملاك ملزوم لاحتمال بقاء الحكم الشرعي لأنّه تابع له. وعليه فإذا فرض أن انتفاء القيد لا يوجب تعدّد الموضوع في نظر العرف يصدق على الشك في الحكم أنّه شك في بقائه فيشمله دليل الاستصحاب فلا نسلم ان ارتفاع القيد موجب لارتفاع الملاك واقعا فلا مانع من جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي.
هذا مضافا إلى أنّه لو سلم أن ارتفاع القيد موجب لارتفاع الملاك واقعا لكن لا مانع من احتمال وجوب ملاك آخر للحكم الشرعي لم يطلع عليه العقل فيحتمل لأجله بقاء الحكم.
غاية الأمر ان الحكم الشرعي بحدوثه يستند إلى الجامع بين الملاكين وببقائه يستند إلى الملاك الآخر الذي لم يرتفع بارتفاع القيد واختلاف علّة الحدوث والبقاء لا يوجب تعدّدا في وجود المعلول فضلا عمّا إذا كان بهذا المقدار من الاختلاف الاستناد ليس إلّا إلى الجامع.
غاية الأمر ان الجامع كان موجودا أوّلا في ضمن فردين ثم صار موجودا في ضمن أحدهما. وعلى طبيعة الحال فلا اصطكاك بين حكم العقل وبين حكم الشرع.
قوله : إن قلت كيف هذا مع الملازمة بين الحكمين ...
فإن قيل : كيف يستصحب الحكم الشرعي الذي يستكشف من حكم العقل عند طرو انتفاء ما احتمل دخله فيه مع وجود الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع بحيث كلّما حكم به العقل حكم به الشرع وكلّما حكم به الشرع حكم به العقل ، أي يكونان معا وجودا وعدما.
وعليه فإذا استصحب حكم الشرعي في مورد فلا بدّ من أن يستصحب حكم العقلي أيضا فلم قلت باستصحاب حكم الشرعي في الماء المتغيّر إذا زال تغيّره