قوله : فتأمّل جيّدا ...
وهو تدقيقي ، بقرينة تعقيبه بكلمة الجيّد.
هذا ، مضافا إلى ان ظهور التعليل بأمر ارتكازي هو أقوى من ظهور اللام في العهد الذكري. وعلى طبيعة الحال إذا اريد من اللام الجنس فلا ركاكة في الحديث الشريف.
وأمّا إذا اريد العهد الذكري من اللام وكان التعليل بأمر تعبّدي فيكون الحديث ركيكا جدّا نظير تكأكأتم وافرنقعوا عني لأنّ عدم نقض اليقين بالوضوء بالشك فيه غير مأنوس في الأذهان وغير مرتكز في أذهان العقلاء ، بل المرتكز في أذهانهم هو عدم نقض اليقين بطور الكلي بالشك.
هذا مضافا إلى ان الظاهر ان اللام للجنس لا للعهد الذكري ولا للتزيين ، وسبق فانّه على يقين من وضوئه من حيث الذكر لا يكون قرينة دالّة على كون اللام للعهد الذكري مع كمال الملاءمة مع الجنس أيضا.
فالنتيجة انّ مجرّد سبق المدخول لا يكون قرينة لفظية على كون اللام للعهد الذكري في صورة ملائمة الكلام من حيث المعنى كما فيما نحن فيه ، أي جنس اليقين لا ينقض بالشك أبدا لا اليقين بالوضوء لا ينقض بالشك ، وامّا سائر اليقين فينقض بالشك ، وهذا المعنى ممّا يضحك به الثكلى.
نعم يكون سبق المدخول قرينة لفظية دالّة على كون اللام للعهد الذكري إذا لم تكن الملاءمة في الكلام من حيث المعنى مع كونها للجنس كما في قوله تعالى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(١) ، إذ عصيان فرعون اللعين انّما يكون للمعهود الرسول الذي أرسل إليه لهدايته وإرشاده ، وهو موسى بن عمران على نبيّنا وآله وعليه أفضل الصلاة وأتم السلام ولا يتحقّق العصيان منه بالإضافة إلى جنس الرسول أبدا ، وهذا
__________________
١ ـ سورة المزمّل آية ١٦.