موضوع التكليف في مقام الابتلاء بحيث يكون موجودا لا مفقودا.
ولكن وجه الفرق بينها : أن مقام شرطية عدم هذه الامور الثلاثة للتكليف مختلف جدّا ؛ فإنّ شرطية عدم الاضطرار راجعة إلى شرطية عدم المزاحم للمصلحة المقتضية لجعل الحكم فإن المفسدة في النجس مثلا إنّما تصلح للتأثير في حرمة شربه إذا لم تزاحم بمصلحة أهم ملاكا ؛ كما إذا توقّف حفظ النفس من الهلاك على شربه ، وهو معنى الاضطرار إلى شرب النجس. أمّا إذا زاحمت بها فقد كان شرب النجس أرجح من تركه وشرطية القدرة راجعة إلى شرطية عدم المانع من تعلّق الإرادة من جهة قصور المكلف من حيث عدم القدرة لا المكلف به من حيث الاستحالة ، وذلك كالطيران في الهواء مثلا ، وشرطية وجود الموضوع راجعة إلى شرطية عدم المانع من اشتغال ذمّة المكلف فإن الاناء المفقود ممّا لا قصور في مفسدته ؛ ولا في تعلّق الكراهة بشربه إلّا أن العلم بكراهته لا يصلح أن يكون موجبا لاشتغال الذمّة به ، فيمتنع أن يكون وجوده شرطا للتكليف الذي هو في الحقيقة شرط نفس الإرادة والكراهة ذاتا كما في القدرة ، أو عرضا كما في عدم الاضطرار فوجود الموضوع والابتلاء به نظير وجود الحجّة على التكليف ليس شرطا للتكليف وإن كان شرطا للاشتغال في نظر العقل.
وعلى ضوء هذا فالتكليف الواقعي ليس بمقيّد بعدم فقدان متعلّقه ، إذ لا يقول الشارع المقدّس اجتنب عن النجس إذا لم يفقد فيكون التكليف الواقعي مطلقا. وعليه فلا جرم يكون باقيا على فعليته وتنجزه ويكون ذمّة المكلّف مشغولا بوجوب الاجتناب قطعا والشغل اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني.
فالنتيجة إذا فقد بعض الأطراف ، فالتكليف باق على حاله وبقاءه يقتضي الاجتناب عن الطرف الباقي.
أمّا إذا فرض عروض الاضطرار إلى بعض الأطراف فالتكليف مقيّد ابتداء بعدم