اعتبار الاستصحاب من أجل أن الغاية ظاهرة في استمرار ذاك الحكم الواقعي بحسب الظاهر ما لم يعلم بعروض ضدّه ، أو نقيضه وجه ظهورها في استمرار الحكم هو كونها قيدا للمحمول ، أي طهارة شيء وماء مستمرّة إلى زمان العلم بالنجاسة.
والفرق بين الضدّ والنقيض أن الأوّل لوحظ في بين أمرين وجوديين والثاني لوحظ في بين أمر وجودي وأمر عدمي ، فالطهارة والنجاسة امّا أمران وجوديان مجعولان شرعا ، وامّا الطهارة أمر عدمي ، أي الطهارة عبارة عن عدم النجاسة ، والنجاسة أمر وجودي ، فعلى الأوّل يتحقّق الضدّ بينهما ، وعلى الثاني يتحقّق التناقض بينهما ، كما أنّه على الأوّل يكون التقابل بينهما بالتضادّ وعلى الثاني يتحقّق التقابل بالملكة والعدم كالعمى والبصر. وكذا الكلام في الحلية والحرمة.
وفي ضوء هذا البيان قد دلّت الغاية على استمرار الحكم كما ان الحكم الواقعي لو صار مغيا بغاية مثل الملاقاة بالنجاسة كما إذا قيل : الماء القليل طاهر بنفسه مطهّر لغيره إلى أن يلاقي النجس ، أو قيل : ان العصير العنبي حلال إلى أن يغلى بالنار فيحرم لدلّت هذه الغاية على استمرار الحكم الواقعي واقعا ، ولا دلالة لشيء من المغيّى والغاية على حجّية الاستصحاب حينئذ ، أي حين كون الغاية مثل الملاقاة بالنجس ، أو مثل الغليان كما في المثال المذكور. فالغاية مثل العلم إذا كانت لتحديد المحمول تدل على استمرار حكم الواقعي إلى زمان العلم بالنجاسة والقذارة ، وامّا إذا كانت الغاية مثل الملاقاة بالنجس ، أو مثل الغليان لدلّت على استمرار حكم الواقعي واقعا.
قوله : ولا يخفى أنّه لا يلزم على ذلك استعمال اللفظ في معنيين أصلا ...
واعترض المصنّف على الشيخ الأنصاري قدسسرهما ، إذ قال الشيخ الأنصاري قدسسره :
إذا دلّت الروايات الثلاث على قاعدة الطهارة والحلية وعلى حجّية الاستصحاب ، فهذا يوجب استعمال اللفظ الواحد في معنيين مختلفين في اطلاق واحد ، وهذا