الوضعي وقال : ان النزاع ثابت بين الأصوليين قدسسرهم في أن الأحكام الوضعية مجعولة بالجعل التشريعي كالأحكام التكليفية ، إذ لا إشكال ولا نزاع في كون الأحكام التكليفية مجعولة استقلالا تشريعا بحيث يصحّ اعتبارها من مجرّد جعلها بقوله هذا واجب ، أو حرام ، أو مستحب ، أو مكروه ، أو مباح فيكون واجبا ، أو حراما ، أو مستحبّا أو مكروها ، أو مباحا بمجرّد الجعل ، فهل الأحكام الوضعية كذلك فيصح انتزاع السببية واعتبارها من قول الجاعل دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة اليومية وعقد النكاح سبب لحليّة الوطي و ....
أو هي منتزعة من التكليف ومجعولة بتبعه ، أو لا هذا ولا ذاك ، بل تفصيل فيها.
قال المصنّف قدسسره : والتحقيق ان الأحكام الوضعية بأسرها على انحاء ثلاثة :
الأوّل : ان منها ما لا يتطرّق إليه الجعل تشريعا أصلا ولا يقبله لا استقلالا ولا تبعا وان كان مجعولا تكوينا عرضا. وثانيا بتبع جعل موضوعه تكوينا ، كجعل دهنية الدهن وكجعل رطوبة الماء وكجعل حرارة النار و ....
الثاني : لا يقبل الجعل التشريعي استقلالا وأصالة ولكن يقبله تبعا وعرضا كالجزئية والشرطية والمانعية ، إذ ايجاب مركب خاص يوجب قهرا اتصاف كل واحد من أجزائه بالجزئية لهذا المركّب الخاص ، واتصاف الخصوصية الوجودية كالستر والاستقبال بالشرطية للمركّب ، واتصاف الخصوصية العدمية مثل لبس ما لا يؤكل لحمه والحرير للرجال بالمانعية.
الثالث : أن منها ما يمكن فيه الجعل استقلالا واصالة بانشائه بأن ينشأ الحكم الوضعي مستقلا كالحكم التكليفي ويمكن فيه الجعل تبعا للتكليف كأن يكون التكليف منشأ لانتزاع الوضع ، وان كان الصحيح في القسم الثالث انتزاع الوضع من انشائه استقلالا واصالة وكون التكليف من آثاره وأحكامه ، أي من آثار الوضع وأحكامه كما تأتي الإشارة إلى هذا القسم عن قريب إن شاء الله تعالى. وذلك