ولكن لو فرض أنّه يشك في الطهارة إذا التفت إلى حالته السابقة لأنّ الاستصحاب وظيفة الشاك فعلا لا الغافل ، ولا ريب في أنّه مع الغفلة لا يتحقّق الشك أصلا والشك التقديري الذي هو منوط بالالتفات ليس بمصحّح للاستصحاب في الغافل لأنّ الإنسان الغافل ليس له شك بالفعل ولا يقين سابقا كي يتم اركان الاستصحاب ثم يجري في حقّه ، فللإنسان الغافل ليس اليقين ولا الظن ولا الشك بشيء بموجود أصلا.
والتفصيل فلو أحدث المكلّف ثم غفل عنه ودخل في الصلاة وفعلها وشك في الطهارة بعد الفراغ فيحكم بصحّة صلاته لقاعدة الفراغ ولأنّه لم يكن بشاك في تحصيل الطهارة قبل الدخول في الصلاة.
والحال انّه غافل في أثناء الصلاة فلا محل للاستصحاب الحدثي والحال قد حصل له الشك بعد فعل الصلاة فتجري قاعدة الفراغ ، وهي تقتضي صحّة صلاته بخلاف ما إذا كان ملتفتا بكونه محدثا قبل الصلاة وشك في الطهارة ثم غفل عدّ حدثه وصلّى فيحكم بفساد صلاته ، إذ استصحاب بقاء الحدث بعد الشك في تحصيل الطهارة يكلف المكلف بتحصيل الطهارة فلا جرم يكون هذا الاستصحاب المذكور مقتضيا لفسادها وإن لم يحصل له اليقين بعدم تحصيل الطهارة فليس في هذا الفرض مجرى لقاعدة الفراغ.
ولا يخفى أنّ الحكم ببطلان الصلاة في الفرض الثاني مشروط بحصول اليقين بعدم الطهارة بعد الشك الذي يعرض المكلف بعد الصلاة لكونه محدثا قبل الصلاة بحكم الاستصحاب ، هذا مع القطع بعدم رفع حدثه الاستصحابي.
فإن قيل : أيّ فرق بين الفرض الأوّل ، وبين الفرض الثاني كي يحكم بصحّة الصلاة في الأوّل وبفسادها في الثاني. والحال انّ المكلّف محدث في الصورتين.
غاية الأمر انّه غافل قبل الصلاة وفي أثنائها عن حدثه في الأوّل وهو ملتفت