ومن الواضح أن حدوث هذا الفرد بتوسط اصالة عدم الحدوث محكوم بعدم الحدوث فلا يبقى حينئذ مجال للشك في بقاء الكلّي وعدم بقائه ، إذ مع جريان الأصل في ناحية السبب فلا تصل النوبة بالشك في جانب المسبّب لأنّه لا يبقى فيه أصلا ، وهذا ظاهر.
مثاله : خروج البلل المشتبه بين البول والمني والمراد من الفرد المشكوك الحدوث هو المني كما انّ المراد من الفرد المتيقّن الارتفاع هو البول ، إذ الفرض تحقّق الوضوء من المكلف بعد خروج البلل المذكور ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قال المصنّف قدسسره : انّ هذا التوهّم فاسد قطعا من وجوه :
الأوّل : أن بقاء الحدث وارتفاعه لا يكونان من لوازم حدوث المني وعدم حدوثه كي يقتضي الأصل عدم حدوث المني وحتى يثبت ارتفاع الحدث بسبب التوضؤ بل هما يكونان من لوازم كون الحادث المعلوم بالاجمال هو ذاك المني المتيقّن بقائه قبل الاغتسال ، أو البول المتيقّن ارتفاعه بسبب الوضوء.
والحال أنّه ليس الأصل الذي يعيّن لنا حال الحادث المعلوم إجمالا انّه كان منيا ، أو بولا فيبقى الشك في بقاء الحدث وارتفاعه بعد التوضؤ بحاله فيجري الاستصحاب في بقاء الحدث ويحكم بكون هذا المكلف محدثا ويترتّب جميع الآثار الشرعية على المستصحب من حرمة المس واللبث في المساجد وعدم جواز الدخول في الصلاة والطواف ونحوها.
الثاني : ان بقاء القدر المشترك الكلّي انّما هو بعين بقاء الخاص الذي في ضمنه وليس بقاء القدر المشترك ـ وهو الحدث الكلّي ـ من لوازم الفرد الخاص كي يقال : ان الشك في بقاء الحدث الكلّي مسبّب عن الشك في حدوث الفرد الذي يكون محكوما بأصالة عدم الحدوث بعد الحدوث فليس الشك حينئذ في بقاء الحدث الكلي كما لا يخفى.