إلى الآن فهل يجري الاستصحاب في هذا المثال ، أم لا؟
ذهب بعض الأعلام قدسسرهم إلى عدم جريان الاستصحاب إذا كان الشك في بقاء الجريان والسيلان من جهة الشك في المقتضى لأنّ الشك ليس في الجريان والسيلان ، أي ليس الشك في الوصف بل الشك في حدوث الموصوف ووجوده وهو الماء والدم فلا تتمّ أركان الاستصحاب لأنّ الجريان والسيلان اللّذان يكونان متيقنين سابقا ليسا بمشكوكين ، بل يكون الشك في الآن اللاحق في وجود الماء في المنبع والدم في الرحم وأمّا إذا كانا موجودين في المنبع والرحم فالجريان والسيلان مسلّمان.
وفي ضوء هذا فليس متعلّق اليقين ومتعلّق الشك بمتّحدين ، إذ المتيقّن هو الجريان والسيلان والمشكوك هو وجود الماء في المنبع والدم في الرحم فلا يجري الاستصحاب في صورة كون الشك في المقتضى بالكسر لأن الماء الحادث والدم الحادث في التدريجيات والزمانيات يكونان غير الماء السابق والدم السابق فيكون المشكوك غير المتيقّن والجزء اللاحق غير الجزء السابق كما هو واضح.
أمّا توضيح كلام المصنّف قدسسره ولكنّه يتخيّل بأنّه لا يختل به ما هو الملاك في الاستصحاب.
ولكن اختلاف الأجزاء في التدريجيات والزمانيات بدقة العقلية ولا يقدح في صدق النقض والبقاء في نظر العرف ولا يضرّ بما هو ملاك الاستصحاب بحسب تعريفه من اتحاد القضيتين المتيقّنة والمشكوكة موضوعا ومحمولا ، إذ تعدّد الماء والدم بالدقة العقلية لا يوجب تعدّد الجريان والسيلان بنظر العرف ، إذ اتصال الجريان والسيلان بسبب عدم فصل بين الاجزاء ، أو بسبب قلّة الفصل بحيث لا يضر بالاتصال عرفا موجب لوحدة الاجزاء بنظر أهل العرف والوحدة العرفية كافية في البقاء وصدق نقض اليقين بالشك كما عرفته سابقا.