الواجبات إطاعة المولى ويوجب لتخلية النفس عن الرذائل وتحليتها بالفضائل ، كما يشهد بهذا الأمر قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) والبغي (١) ، وقول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصلاة قربان كل تقي ونقي ومعراج المؤمن» وغيرهما. لا أن الواجبات الشرعية واجبات عقلية لو اطّلع العقل على جهاتها كما قال بهذا بعض الأعلام (رض) لأنّه قال بالملازمة بين حكم العقل والشرع من الجانبين ، أي كلّما حكم به العقل حكم به الشرع ؛ وكلّما حكم به الشرع حكم به العقل. ولكن نسلم الاولى ، ولا نسلم الثانية ، إذ حكم الشرع الأنور بأن صلاة الظهر مثلا أربع ركعات ولها أجزاء كالتكبيرة والقراءة والركوع والسجود والتشهّد والذكر والتسليم ، وشرائط كالطهارة والاستقبال والستر مثلا ، ولم يحكم العقل بهذه الامور المذكورة لأنّه لم يدركها والحكم فرع الدرك.
وقد مرّ في بحث التعبّدي والتوصّلي ان الغرض الذي يكون علّة الأمر حدوثا وبقاء لا يسقط في التعبّديات إلّا مع قصد الاطاعة والاطاعة فيها تتوقّف على قصد أمرهما ، فما لم يقصد أمرها لم يسقط الغرض الباعث للمولى الآمر على الأمر والبعث.
وعليه فلا بدّ من احراز الغرض في احراز الاطاعة ، ومن المعلوم انّه لا يحصل العلم لنا بتحقّق الغرض إلّا بالإتيان بالأكثر كما لا يخفى. لأنّه إذا اكتفينا بالأقل الصلاة بلا السورة مثلا فنشك حينئذ في سقوطه فيحكم العقل مستقلّا بحصول الغرض وهو لا يحصل على اليقين إلّا بالإتيان بالأكثر فيجب كي يحصل المؤمن من عقاب المولى.
قوله : ولا وجه للتفصي عنه تارة بعدم ابتناء مسألة البراءة ...
قال المصنّف قدسسره : ان الشيخ الأنصاري قدسسره استشكل في رسائله على القول
__________________
١ ـ سورة العنكبوت آية ٤٥.