وبين حمله على ثبوت حكم الميسور ولو بنحو الاستحباب ، والثاني أولى من الاول لأنّه أظهر منه من جهة الاطلاق ؛ فلا تدل قاعدة الميسور على وجوب الباقي كما لا يخفى.
قوله : إلّا أن يكون المراد عدم سقوطه بما له من الحكم وجوبا كان ندبا ...
هذا استدراك على الإشكال الوارد على الاستدلال بالحديث الشريف وخلاصة الاستدراك ودفع الاشكال أن المراد من عدم السقوط ليس مجرّد المطلوبية ، أي مطلوبية إتيان الميسور بنحو الوجوب حتّى يرد الإشكال المذكور. بل المراد منه عدم سقوط حكم الميسور وحينئذ تقتضي القاعدة في الواجبات وجوب الباقي وفي المستحبّات استحبابه فيتم المطلوب.
فإن قيل : لم يعبّر في الحديث الشريف بالحكم ، أي حكم الميسور لا يسقط.
قلنا : تعارف التعبير عن مقام ثبوت الحكم التكليفي ، أو نفيه بثبوت موضوعه أو نفي موضوعه كما في حديث لا ضرر ولا ضرار في الإسلام بناء على ما سيأتي إن شاء الله تعالى من كون المراد من هذا الحديث نفي الحكم الثابت للموضوع الضرري ، أي ليس الوجوب للوضوء الضرري وللغسل الضرري مثلا. وكذا الحديث الشريف ، أي «حكم الميسور لا يسقط» بسبب تعسّر البعض وكذا تعارف التعبير عن مقام ثبوت الحكم الوضعي ، أو نفيه بثبوت موضوعه ، أو نفي موضوعه نحو : لا بيع إلّا بالتقابض ، أي لا صحّة لبيع الصرف إلّا بالتقابض.
وأمّا مثال ثبوت الحكم التكليفي بثبوت موضوعه فمثل أن يقال : التكبيرة الاحرام مثلا ثابت في الشريعة المقدّسة ، أي وجوبها ثابت فيها.
فالمراد من عدم سقوط الميسور عدم سقوطه بما له من الحكم وجوبا كان ندبا ، كما أن الظاهر من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» هو نفي ما للضرر من الحكم تكليفا كان ، أو وضعيا ، وليس المراد عدم سقوط الميسور بنفسه