.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني : ان المسالك في الامارة ثلاثة : الاول : السببيّة ولازمها تحقق حكم واقعي ثانوي على طبق ما قامت عليه الامارة. الثاني : الحكم الطريقي ومعناه جعل الحكم المماثل للحكم الواقعي بعنوان ما قامت عليه الامارة. وعلى هذين المسلكين تكون الامارة دالة على حكم واقعي على الاول وحكم طريقي على الثاني ، فالشك اللاحق في بقاء هذا الحكم يتحقق فيه ركنا الاستصحاب وهما اليقين والشك ، لبداهة تحقق اليقين بالحكم بناء عليهما أما واقعا او ظاهرا ، ولكن قد عرفت ان الاشكال جار حتى على الحكم الطريقي. الثالث : كما هو مختار المصنف ان المجعول هو نفس الحجية : أي المنجزية والمعذرية ، وعليه فاذا قامت الامارة على حكم لا يقين بالحكم لا واقعا ولا ظاهرا ، وانما يكون هناك يقين بقيام الحجة الموجبة لتنجيز الواقع لو اصابت والعذر عنه لو أخطأت.
فاذا عرفت هذا ... نقول : انه لو قامت الامارة على حكم ثم عرض الشك في بقائه ـ بناء على هذا المسلك الاخير ـ يشكل القول بجريان الاستصحاب ، لانه لا يقين سابق بالحكم ، لوضوح انه لم يحصل من قيام الامارة على حكم اليقين بالحكم لا واقعا وهو واضح ولا ظاهرا ، لانّه لم يجعل حكم على طبق مؤدى الامارة ظاهرا ، بل المجعول فيها نفس المنجزية والمعذرية.
وبعبارة اخرى : انه اذا قامت الامارة ـ بناء على جعل الحجية ـ فالحاصل لنا عند قيامها هو اليقين بالحجيّة ، وهو انه على فرض الاصابة يكون الحكم الواقعي منجزا بها ، وعلى فرض الخطأ فعدم الامتثال للحكم الواقعي لا عقاب عليه لتحقق المعذّر عنه ، واما بالنسبة الى الحكم الواقعي فليس لنا من جهته الّا احتماله ولا حكم ظاهري على الفرض ، فلا يكون لنا عند قيام الامارة يقين متعلق بحكم اصلا ، بل ليس لنا الّا احتمال ثبوته.
بل يمكن ان يقال : انه لا شك لاحق ايضا ـ بناء على هذا المسلك ـ لان الشك اللاحق الذي به يتقوّم الاستصحاب هو الشك المتعلق ببقاء ما تعلق به اليقين ،