فإنه يقال : الامر وإن كان كذلك ، إلا أن العرف حيث يرى الايجاب والاستحباب المتبادلين فردين متباينين ، لا واحد مختلف الوصف في زمانين ، لم يكن مجال للاستصحاب ، لما مرت الاشارة إليه وتأتي ، من أن قضية إطلاق أخبار الباب ، أن العبرة فيه بما يكون رفع اليد عنه مع الشك بنظر العرف نقضا ، وإن لم يكن بنقض بحسب الدقة ، ولذا لو انعكس الامر ولم يكن نقض عرفا ، لم يكن الاستصحاب جاريا وإن كان هناك نقض عقلا (١).
______________________________________________________
فرد بعد القطع بارتفاعه في ضمن فرد آخر كما مر بيانه ، وهذا معنى قوله ((لا في حدوث وجود آخر)) كما لو علم بارتفاع الانسان في ضمن زيد وشك في حدوثه بفرد آخر ... ومنه يظهر انه كان اللازم التفصيل في القسم الثالث : بين كون افراده المراتب ، وبين كون افراده الوجودات المتباينة.
(١) حاصله : ان الملاك في جريان الاستصحاب هو اتحاد القضية المشكوكة والقضية المتيقنة بنظر العرف ـ كما سيأتي بيانه ـ لا بنظر العقل ، والقضية المشكوكة والمتيقنة في المثال المذكور ـ وفي كل ما اذا كان الكلي ذا مراتب ـ وان كانت متحدة بنظر العقل ، إلّا ان العرف لما كان يرى ان الكلي في الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة هو مثل الكلي في ضمن زيد وعمرو لم يكن مجال لجريان الاستصحاب ، لعدم اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوكة بنظر العرف ، وان الطلب المتيقن الحدوث والارتفاع في ضمن الوجوب مع الشك في ثبوته بقاء في ضمن الاستحباب ، هو من الشك في حدوث الكلي في ضمن فرد آخر لا تيقن به بل هو مشكوك الحدوث ، ولعل الواقع كذلك حقيقة فيما اذا كان الحكم هو البعث المنتزع من الطلب المنشأ المظهر باللفظ مثلا ، فانه على هذا يكون الطلب الكلي بالنسبة الى الوجوب والاستحباب من قسم تحقق الكلي في ضمن الافراد المتباينة ، وانما يكون الحكم من ذي المراتب في الوجوب والاستحباب فيما اذا كان هو الارادة والكراهة ، لان الارادة من ذات المراتب