.................................................................................................
______________________________________________________
فاتضح : انه لو سلمنا عدم ورود الاشكال الاول فان هذا الاشكال الثاني وارد عليه ، فلا مجال للاستصحاب في احكام الشريعة السابقة. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((واما لليقين بارتفاعها)) أي ان اختلال جريان الاستصحاب في احكام الشريعة السابقة ، اما للاشكال الاول الذي اشار اليه بقوله اختلال اركانه ... الى آخره ، او لهذا الاشكال الثاني الذي حاصله : انه لا وجه لجريان الاستصحاب فيها لليقين بارتفاعها ((بنسخ الشريعة السابقة بهذه الشريعة)) اللاحقة ، ومع اليقين بارتفاع تلك الاحكام الثابتة في تلك الشريعة ((فلا)) يكون ((شك في بقائها حينئذ)) أي بعد كون هذه الشريعة ناسخة لجميع احكام الشريعة السابقة ((ولو سلّم اليقين بثبوتها)) أي ولو سلّم حصول اليقين بثبوت احكام الشريعة السابقة ((في حقهم)) أي في حق اهل الشريعة اللاحقة ، بان كان الموضوع للاحكام هو مطلق المكلف الشامل لاهل هذه الشريعة اللاحقة.
وينبغي ان لا يخفى ان هذا الاشكال الثاني لا يتمّ الّا بان يكون نسخ الشريعة نسخا لها بجميع احكامها ، لوضوح انه لو كان النسخ يتحقق بنسخ بعض الاحكام لما كان هناك يقين بارتفاع جميع احكامها ، واذا لم يكن يقين بارتفاع جميع احكامها امكن ان يجري الاستصحاب لتحقق اركانه ، وهو اليقين السابق بالحكم الشامل لاهل هذه الشريعة ، والشك في بقائه لاحتمال كونه من الاحكام المنسوخة بهذه الشريعة.
وقد ذكر بعضهم وجها لكون النسخ لا يكون الّا بنسخ جميع احكام الشريعة السابقة بما حاصله : ان النسخ اما ان يكون بتجدّد المبلّغ من دون نسخ للاحكام اصلا ، وهو باطل للزوم ان يكون لكل نبيّ شريعة ناسخة ، ومن المسلّم ان كثيرا من الانبياء لا شرايع لهم ناسخة وجميعهم مبلّغون.