وأما ما أفاده من الوجه الاول ، فهو وإن كان وجيها بالنسبة إلى جريان الاستصحاب في حق خصوص المدرك للشريعتين ، إلا أنه غير مجد في حق غيره من المعدومين ، ولا يكاد يتم الحكم فيهم ، بضرورة اشتراك أهل الشريعة الواحدة أيضا ، ضرورة أن قضية الاشتراك ليس إلا أن الاستصحاب حكم كل من كان على يقين فشك ، لا أنه حكم الكل ولو من لم يكن كذلك بلا شك ، وهذا واضح (١).
______________________________________________________
في عهد تلك الشريعة ، ومنه يظهر انه لا يصح حملها على الكلي ، لانه اذا كان متعلق الحكم هو الجماعة فلا يكون متعلقه هو الكلي ، ولعلّ غرض الشيخ (قدسسره) ان متعلق الحكم ليس بنحو القضية الخارجية التي يكون الموضوع فيها هي الافراد الموجودة بمميزاتها ، وليس على نحو القضية الحقيقية ، بل متعلق الحكم هو الحصص الموجودة من دون دخل مميزاتها ، واذا لم تكن المميزات للحصص داخلة في موضوع الحكم فيسري الحكم الى الحصص الاخرى المعدومة في زمان الحكم ، لعدم الفرق بين الحصص اذا لم تكن المميزات لها داخلة في موضوع الحكم. والله العالم.
(١) توضيحه : ان الشيخ اجاب عن الاشكال الذي ذكره صاحب الفصول بجوابين : الجواب الثاني ما مرّ الكلام فيه.
والجواب الاول : انه لا اشكال في صحة جريان الاستصحاب لمن ادرك الشريعتين وشك في نسخ حكم في الشريعة السابقة ، فان اركان الاستصحاب فيه تامة ، لانه لما كان مدركا للشريعة السابقة فهو من مصاديق الموضوع الذي ثبت الحكم له ، فله يقين بالحكم ومع فرض الشك في بقائه لاحتمال نسخه يتحقق الشك في البقاء ، فيتم عنده كلا ركني الاستصحاب ، وبواسطة دليل الاشتراك يثبت الاستصحاب لغير المدرك للشريعتين ، فان دليل الاشتراك يعمّ كل تعبّد شرعي ومنه نفس التعبّد الاستصحابي.