.................................................................................................
______________________________________________________
لانها حكم ما لم يعلم حكمه اصلا ، فما علم حكمه بوجه من الوجوه هو الغاية لها ، وبعد تحقق موضوع الاستصحاب تكون الغاية قد تحققت به ، ويكون المشكوك مما علم حكمه حقيقة بوجه من الوجوه ، ومع تحقق الغاية في البراءة لا بد من ارتفاع المغيّى بحصول الغاية حقيقة.
وينبغي ان لا يخفى ان كون موضوع الاستصحاب هو الشك في الحكم الذي كان لا ينافي ان يكون الشك في الحكم شكا فيه من كل جهة ، فانه بعد انقلاب اليقين السابق الى الشك ففي حال الشك يشك في الحكم من كل جهة. ثم انه لو كان اليقين السابق متعلقه الحكم الظاهري يكون الشك شكا من كل جهة ، لفرض الشك في الحكم الواقعي في مورد الحكم الظاهري ، والشك في الحكم الظاهري لانقلاب اليقين الى الشك في الحالة اللاحقة ، وعلى هذا يكون الموضوع في الاستصحاب كالبراءة وهو المشكوك من كل جهة ، فكون حكم هذا المشكوك من كل جهة هو حرمة نقضه لا يكون رافعا للموضوع في البراءة ، لدلالتها على ان حكم المشكوك من كل جهة هو الحلية والاذن فيتعارضان ، وكون حكمه معلوما بعنوان نقض اليقين يعارضه كون حكم هذا المشكوك ايضا معلوما بواسطة عنوان كونه مما لا يعلم حكمه ، وكما ان الغاية للبراءة هي العلم بالحكم بوجه من الوجوه ، كذلك الغاية للاستصحاب هو اليقين بالحكم بوجه من الوجوه ، فدليل البراءة يقول ان حكم هذا المشكوك هو الترخيص ، ودليل الاستصحاب يقول ان حكمه هو حرمة نقض اليقين السابق فيه.
ومما ذكرنا يظهر ايضا انهما يتعارضان حيث يكون الموضوع في كل منهما هو الشك في الحكم من كل جهة ، فانه ايضا بمقتضى البراءة هو ان حكم هذا المشكوك هو الاذن والترخيص ، وحكمه بمقتضى الاستصحاب هو حرمة النقض لليقين السابق والاخذ به.
واتضح ـ ايضا ـ مما ذكرنا : ان دليل الاستصحاب انما يكون واردا على دليل البراءة فيما اذا كان الموضوع في البراءة هو المشكوك من كل جهة ، والموضوع في