الوضع كالتكليف في أنه مجعول تشريعا بحيث يصح انتزاعه بمجرد إنشائه ، أو غير مجعول كذلك ، بل إنما هو منتزع عن التكليف ومجعول بتبعه وبجعله (١).
______________________________________________________
(١) توضيحه ببيان امور : الامر الاول : ما استشكل على المصنف من انه سيأتي منه تقسيم ما عدّ من الوضع الى مجعول بالاستقلال ، ومجعول بالتبع ، وما ليس بمجعول اصلا ، فكان عليه ان يشير الى التفصيل في الوضع وان منه ما ليس بمجعول اصلا.
ولعل عدم الاشارة اليه لانه كان في مقام بيان المجعول التشريعي ، وحيث ان ما عدّ من الوضع مما هو ليس بمجعول اصلا فلا يكون هو من التفصيل في المجعول التشريعي.
الامر الثاني : بيان كون الحكم التكليفي من المجعولات التشريعية وانه ليس هو الارادة والكراهة او منتزعا عنها. وتوضيح ذلك : ان الجعل هو الايجاد فالموجد هو الجاعل والموجود هو المجعول ، فاذا كان المجعول من موجودات عالم التكوين كان الموجود مجعولا تكوينيا وكان جعله هو الجعل التكويني ، كالعالم كلّه الموهوب له الوجود من الله بجميع ما فيه من مجرده ومادّيه. ولا يخفى ان الغرض من هذا الجعل راجع الى ما يتعلّق بعالم التكوين.
واذا كان الجعل منه تبارك وتعالى لا بما هو جاعل الكون ، بل بما هو ناظر الى مصالح العباد مما يتعلق بافعالهم ، وحيث انهم لا يهتدون الى مصالحهم بانفسهم وكانت تلك المصالح مما تترتب على افعال العباد بانفسهم تفضّل الشارع على عباده فأمرهم باشياء ونهاهم عن اشياء ورخّص لهم في اشياء ، ليكون ذلك داعيا لهم لان يفعلوا بعض الافعال ولان يتركوا بعضها. فظهر من هذا ان الجعل في المقام منه ـ تبارك وتعالى ـ بما هو شارع وناظر الى مصالح عباده لا بما هو مكوّن وموجد.