المؤمنون من لسانه ويده ، قلت : فما أفضل الاخلاق؟ قال : الصبر والسماحة ، قلت : فأيّ المؤمنين أكمل ايمانا؟ قال : أحسنهم خلقا ، قلت : فأيّ الجهاد أفضل؟ قال : من عقر جواده وأهريق دمه ، قلت : فأيّ الصلاة أفضل؟ قال : طول القنوت ، قلت : فأيّ الصدقة أفضل؟ قال : أن تهجر ما حرّم الله عزوجل عليك ، قلت : يا سيّدي فما تقول في الدخول على السلطان؟ قال : لا أرى لك ذلك ، قلت : فإنّي ربّما سافرت إلى الشام فأدخل على إبراهيم بن الوليد ، قال : يا عبد الغفّار ، إنّ دخولك على السلطان يدعو إلى ثلاثة اشياء ، محبة الدنيا ، ونسيان الموت ، وقلّة الرضا بما قسم الله ، قلت : يا ابن رسول الله فإنّي ذو عيلة وأتّجر إلى ذلك المكان لجرّ المنفعة ، فما ترى في ذلك؟ قال : يا عبد الله إنّي لست آمرك بترك الدنيا ، بل آمرك بترك الذنوب ، فترك الدنيا فضيلة ، وترك الذنوب فريضة ، وأنت إلى إقامة الفريضة أحوج إليك منك إلى اكتساب الفضيلة. قال : فقبّلت يده ورجله وقلت : بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول الله فما نجد العلم الصحيح إلّا عندكم ، وإنّي قد كبرت سني ودقّ عظمي ولا أرى فيكم ما أسرّه ، أراكم مقتّلين مشرّدين خائفين ، وإنّي أقمت على قائمكم منذ حين أقول : يخرج اليوم أو غدا. قال : يا عبد الغفار ، إنّ قائمنا عليهالسلام هو السابع من ولدي ، وليس هو أوان ظهوره ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الائمّة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل ، تسعة من صلب الحسين ، والتاسع قائمهم ، يخرج في آخر الزمان فيملؤها عدلا كما ملئت جورا وظلما. قلت : فإن كان هذا كائن يا ابن رسول الله ، فإلى من بعدك؟ قال : إلى جعفر وهو سيّد أولادي وأبو الائمّة ، صادق في قوله وفعله ، ولقد سألت عظيما يا عبد الغفار ، وإنّك لأهل للاجابة ، ثمّ قال عليهالسلام : ألا إنّ مفاتيح العلم السؤال وانشأ يقول :
شفاء العمى طول السؤال وإنّما |
|
تمام العمى طول السكوت على الجهل (١) |
١٤٢ ـ روى عن يحيى بن يعمر قال : كنت عند الحسين عليهالسلام إذ دخل عليه رجل من العرب متلثّما أسمر شديد السمرة ، فسلّم فردّ الحسين عليهالسلام فقال : يا ابن رسول الله مسألة ، قال : هات ، قال : كم بين الإيمان واليقين؟ قال : أربع أصابع ، قال : كيف؟ قال : الإيمان ما
__________________
(١) كفاية الأثر ٢٥٠.