ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر ، وإذا سكر أكرم واتّقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذر بسكره ، ورأيت من اكل اموال اليتامى يحمد بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر ، ورأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها ، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همّهم بطونهم وفروجهم ، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت أعلام الحقّ قد درست ، فكن على حذر واطلب الى الله عزوجل النجاة ، واعلم أنّ الناس في سخط الله عزوجل وإنّما يمهلهم لأمر يراد بهم ، فكن مترقّبا واجتهد ليراك الله عزوجل في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم عجّلت إلى رحمة الله ، وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على الله عزوجل ، واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين ، وأنّ رحمة الله قريب من المحسنين (١).
الآية الثالثة قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٢).
٢١٥ ـ روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام قال : فهو من الآيات الّتي تأويلها بعد تنزيلها ، قال : ذلك يوم القائم عليهالسلام ويوم القيامة (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) أي تركوه : (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) قال : قال هذا يوم القيامة (أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي بطل عنهم (ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٣).
الآية الرابعة قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ
__________________
(١) الكافي ٨ / ٣٧ ح ٧ ؛ بشارة الإسلام ١٢٥ ـ ١٣٠ ب ٧.
(٢) الأعراف : ٥٣.
(٣) تفسير القمّيّ ١ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ؛ تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٣٥.