طلب موسى ، وهذا نظير موسى صلوات الله عليهما.
قالت حكيمة : فعدت إليها وأخبرتها ، قالت : وسألتها عن حالها ، فقالت : يا مولاتي ، ما أرى بي شيئا من هذا.
قالت حكيمة : فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يدي تتقلّب جنبا إلى جنب ، حتّى إذا كان آخر الليل ، وقت طلوع الفجر ، وثبت فزعة ، فضممتها إلى صدري ، وسميّت عليها ، فقلت لها : ما حالك؟ قالت : ظهر لي الأمر الّذي أخبرك مولاي.
فصاح أبو محمّد عليهالسلام : اقرئي عليها (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فأقبلت أقرأ عليها ، كما أمرني ، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ ، وسلّم عليّ.
قالت حكيمة : ففزعت لمّا سمعت ، فصاح بي أبو محمّد صلوات الله عليه : لا تعجبي من أمر الله ، إنّ الله ينطقنا بالحكمة صغارا ، ويجعلنا حججا في أرضه كبارا ، فلم يستتمّ الكلام حتّى غيّبت عنّي نرجس ، فلم أرها ، كأنّما ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمّد صلوات الله عليه وأنا صارخة ، فقال لي : ارجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.
قالت : فرجعت ، فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري ، وإذا بالصبي ساجد بوجهه ، جاث على ركبتيه ، رافع سبّابتيه نحو السماء وهو يقول :
«أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنّ أبي أمير المؤمنين» ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه ، ثمّ صلّى عليهم ، ثمّ قال صلوات الله عليه : «اللهمّ أنجز لي ما وعدتني ، وتمّم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا» فصاح بي : يا عمّة تناوليه وهاتيه ، فتناولته وأتيت به نحوه ، فلمّا مثلته بين يدي أبيه ، وهو على يدي ، سلّم على أبيه ، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه (١).
ـ إلى هنا الرواية من الثاقب في المناقب والتكملة من كمال الدّين : ـ
وناوله لسانه فشرب منه ، ثمّ قال : امض به إلى امّه لترضعه وردّيه إليّ ، قالت : فتناولته
__________________
(١) الثاقب في المناقب ٢٠١ ـ ٢٠٣ ح ١٧٨.