زعم أنّ الله في شيء أو على شيء ، أو يحول من شيء إلى شيء ، أو يخلق منه شيء ، أو يشغل به شيء ، فقد وصفه بصفة المخلوقين ، والله خالق كلّ شيء ، لا يقاس بالقياس ، ولا يشبّه بالناس ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشغل به مكان ، قريب في بعده بعيد في قربه ، ذلك ربّنا لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبّه ووصفه بهذه الصفة ، فهو من الموحّدين ، ومن أحبّه ووصفه بغير هذه الصفة فالله منه بريء ونحن منه براء.
ثمّ قال عليهالسلام : إنّ اولي الألباب ، الّذين عملوا بالفكرة حتّى ورثوا منه حبّ الله ، فإنّ حبّ الله إذا ورثه القلب واستضاء به أسرع إليه اللطف ، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد ، فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة ، فإذا تكلّم بالحكمة صار صاحب فطنة ، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة ، فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة ، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في فكره بلطف وحكمة وبيان ، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبّته في خالقه ، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء ، وورث العلم بغير ما ورثه العلماء ، وورث الصدق بغير ما ورثه الصدّيقون ، إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت ، وإنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب ، وإنّ الصدّيقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة ، فمن أخذه بهذه السيرة إمّا أن يسفل وإمّا أن يرفع ، وأكثرهم الّذي يسفل ولا يرفع ، إذ لم يرع حقّ الله ولم يعمل بما أمر به ، فهذه صفة من لم يعرف الله حقّ معرفته ولم يحبّه حقّ محبته ، فلا يغرنّك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم ، فانّهم حمر مستنفرة.
ثمّ قال : يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت ، فإنّا ورثناه وأوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب.
فقلت : يا ابن رسول الله وكلّ من كان من أهل البيت ورث كما ورثتم من كان من ولد عليّ وفاطمة عليهماالسلام؟
فقال : ما ورثه إلّا الأئمّة الاثنا عشر.
قلت : سمّهم لي يا ابن رسول الله.
قال : أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، وبعده الحسن والحسين ، وبعده عليّ بن الحسين ،