ابن عقدة ـ قال : لمّا قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، فإذا أنا ببغلته مسرجة بالباب ، فجلست حيال الدار ، فخرج فسلّمت عليه فنزل عن البغلة وأقبل نحوي فقال : ممّن الرجل؟ فقلت : من أهل العراق ، قال : من أيّها؟ قلت : من أهل الكوفة ، فقال : من صحبك في هذا الطريق؟ قلت : قوم من المحدثة ، فقال : وما المحدثة؟ قلت : المرجئة ، فقال : ويح هذه المرجئة ، إلى من يلجئون غدا إذا قام قائمنا؟ قلت : إنّهم يقولون : لو قد كان ذلك كنّا وأنتم في العدل سواء ، فقال : من تاب تاب الله عليه ، ومن أسرّ نفاقا فلا يبعد الله غيره ، ومن أظهر شيئا أهرق الله دمه ، ثمّ قال : يذبحهم والّذي نفسي بيده كما يذبح القصّاب شاته ـ وأومأ بيده إلى حلقه ـ قلت : انّهم يقولون : إنّه إذا كان ذلك استقامت له الامور فلا يهريق محجمة دم ، فقال : كلّا والّذي نفسي بيده حتّى نمسح وأنتم العرق والعلق ـ وأومأ بيده إلى جبهته (١).
٧٨٣ ـ روى العلّامة النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن سدير الصيرفيّ ، عن رجل من أهل الجزيرة كان قد جعل على نفسه نذرا في جارية وجاء بها إلى مكّة ، قال : فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها وجعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلّا قال لي : جئني بها وقد وفي الله نذرك.
فدخلني من ذلك وحشة شديدة ، فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكّة ، فقال لي : تأخذ عنّي؟ فقلت : نعم ، فقال : انظر الرجل الّذي يجلس بحذاء الحجر الأسود وحوله الناس وهو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهمالسلام ، فأته فأخبره بهذا الأمر فانظر ما يقول لك فاعمل به ، قال : فأتيته فقلت : رحمك الله إنّي رجل من أهل الجزيرة ومعي جارية جعلتها عليّ نذرا لبيت الله يمين كانت عليّ ، وقد أتيت بها وذكرت ذلك للحجبة وأقبلت لا ألقى أحدا إلّا قال جئني بها وقد وفي الله نذرك ، فدخلني من ذلك وحشة شديدة.
فقال : يا عبد الله إنّ البيت لا يأكل ولا يشرب ، فبع جاريتك واستقص وانظر أهل بلادك ممّن حجّ هذا البيت ، فمن عجز منهم عن نفقته فأعطه حتّى يقوى على العود إلى
__________________
(١) الغيبة للنعمانيّ ٢٨٣ ح ١.