يحكم بحكمه ، وإلّا من يكون مثله إلّا النبوّة ، وان كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده ، فإن قالوا لك : فإنّ علم رسول الله صلىاللهعليهوآله كان من القرآن ، فقل : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ).
فإن قالوا لك : لا يرسل الله عزوجل إلّا إلى نبيّ ، فقل : هذا الأمر الحكيم الّذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح ، الّتي تنزل من سماء إلى سماء ، أو من سماء إلى أرض ، فإن قالوا من سماء إلى سماء ، فليس في السماء أحد يرجع من طاعته إلى معصيته ، فإن قالوا من سماء إلى أرض وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك ، فقل : فهل لهم بدّ من سيّد يتحاكمون إليه؟ فإن قالوا : فإنّ الخليفة هو حكمهم ، فقل : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(١).
لعمري ما في الأرض ولا في السماء ولي لله عزوجل إلّا وهو مؤيّد ، ومن ايّد لم يخط ، وما في الأرض عدوّ لله عزّ ذكره إلّا وهو مخذول ، ومن خذل لم يصب ، كما أنّ الأمر لا بدّ من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض ،
كذلك ولا بدّ من وال ، فإن قالوا : لا نعرف هذا ، فقل لهم : قولوا ما أحببتم أبى الله بعد محمّد صلىاللهعليهوآله أن يترك العباد ولا حجّة له عليهم. قال أبو عبد الله عليهالسلام ثمّ وقف ، فقال : هاهنا يا ابن رسول الله باب غامض ، أرأيت ان قالوا حجّة الله القرآن؟
قال : إذا قل لهم : إنّ القرآن ليس بناطق يأمر وينهى ، ولكنّ للقرآن أهل يأمرون وينهون ، وأقول قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنّة والحكم الّذي ليس فيه اختلاف ، وليست في القرآن ، أبى الله في علمه (لعلمه) بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض وليس في حكمه رادّ لها ومفرّج عن أهلها. فقال : هاهنا تفلجون يا ابن رسول الله ، أشهد أنّ الله عزوجل ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدّين أو غيره ، فوضع القرآن دليلا. قال ، فقال الرجل : هل تدري يا ابن رسول الله القرآن
__________________
(١) البقرة : ٢٥٧.