مِنْهُمْ)(١).
قال السائل : ما ذلك الأمر؟
قال عليهالسلام : الّذي به تنزّل الملائكة في الليلة الّتي يفرق فيه كلّ أمر حكيم ، من خلق ورزق وأجل وعمل وحياة وموت وعلم غيب السموات والأرض ، والمعجزات الّتي لا تنبغي إلّا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه.
وهم وجه الله الّذي قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(٢).
هم بقيّة الله يعني المهديّ عليهالسلام الّذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ومن آياته الغيب والاكتتام عند عموم الطغيان وحلول الانتقام.
ولو كان هذا الأمر الّذي عرّفتك نبأه للنبيّ صلىاللهعليهوآله دون غيره ، لكان الخطاب يدلّ على فعل ماض غير دائم ولا مستقبل ، ولقال : نزلت الملائكة وفرق كلّ أمر حكيم ، ولم يقل : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ) و (يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) ـ إلى آخر الحديث (٣).
٨٥٣ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال الله عزوجل في ليلة القدر : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) يقول فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزوجل ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت ، إنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الامور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كلّ يوم من علم الله عزّ ذكره الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ، ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٤)(٥).
الآية الثانية قوله تعالى : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)(٦).
__________________
(١) النساء : ٨٣.
(٢) البقرة : ١١٥.
(٣) تفسير البرهان ٤ / ١٥٩ ح ٥.
(٤) لقمان : ٢٧.
(٥) عنه : تفسير البرهان ٤ / ٤٨٣ ح ٤.
(٦) الدخان : ١٠.