حكمته ، وموضع سرّه ، وأيّدهم بالدلائل ، ولو لا ذلك لكان الناس على سواء ، ولادّعى أمر الله عزوجل كلّ أحد ، ولما عرف الحقّ من الباطل ، ولا العلم من الجاهل.
وقد ادّعى هذا المبطل المدّعي على الله الكذب بما ادّعاه ، فلا أدري بأيّة حالة هي له ، رجا أن يتمّ دعواه ، بفقه في دين الله؟ فو الله ما يعرف حلالا من حرام ولا يفرّق بين خطأ وصواب ، أم بعلم؟! فما يعلم حقّا من باطل ، ولا محكما من متشابه ، ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها ، أم بورع؟! فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض (أربعين يوما) يزعم ذلك لطلب الشعوذة ، ولعلّ خبره تأدّى إليكم ، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة ، وآثار عصيانه لله عزوجل مشهورة قائمة ، أم بآية فليأت بها ، أم بحجّة؟ فليقمها ، أم بدلالة؟ فليذكرها.
قال الله عزوجل في كتابه : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ* وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ).
فالتمس تولّى الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك ، وامتحنه واسأله عن آية من كتاب الله يفسّرها ، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها ، لتعلم حاله ومقداره ، ويظهر لك عواره ونقصانه ، والله حسيبه.
حفظ الله الحقّ على أهله ، وأقرّه في مستقرّه ، وأبى الله عزوجل أن يكون الإمامة في الأخوين إلّا في الحسن والحسين ، وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحقّ واضمحلّ الباطل ، وانحسر عنكم ، وإلى الله أرغب في الكفاية ، وجميل الصنع والولاية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد (١).
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٢).
٨٥٨ ـ روى ثقة الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا
__________________
(١) الاحتجاج ٢ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩.
(٢) الأحقاف : ١٣.