ثمّ سكت!!
فقام فيهم عبد الله بن عبّاس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا قولك : إنّا لا نستحقّ الخلافة بالنبوّة ، فإذا لم نستحقّ الخلافة بالنبوّة ، فبم نستحق؟
وأمّا قولك : إنّ النبوّة والخلافة لم تجتمعا لأحد ، فأين قول الله عزوجل : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)(١) ، فالكتاب : النبوّة ، والحكمة : السنّة ، والملك : الخلافة ، نحن آل إبراهيم ، أمر الله فينا وفيهم واحد ، والسنّة فينا وفيهم جارية.
وامّا قولك : إنّ حجّتنا مشتبهة فهي والله أضوأ من الشمس ، وأنور من القمر ، وإنّك لتعلم ذلك ، ولكن ثنى عطفك ، وصعّر خدّك ، قتلنا أخاك وجدّك وعمّك وخالك!! فلا تبك على عظام حائلة وأرواح زائلة في الهاوية! ولا تغضبنّ لدماء أحلّها الشرك ووضعها الإسلام.
فأمّا ترك الناس أن يجتمعوا علينا ، فما حرموا منّا أعظم ممّا حرمنا منهم ، وكلّ أمر إذا حصل حاصله ثبت حقّه وزال باطله.
وأمّا قولك : «إنّا زعمنا أنّ لنا ملكا مهديّا» ، فالزعم في كتاب الله شكّ ، قال الله سبحانه وتعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ)(٢) فكلّ يشهد أنّ لنا ملكا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ملّكه الله فيه. وأنّ لنا مهديّا لو لم يبق إلّا يوم واحد ، بعثه لأمره يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، لا يملكون يوما إلّا ملكنا يومين ، ولا شهرا إلّا ملكنا شهرين ، ولا حولا إلّا ملكنا حولين.
وأمّا قولك : إنّ المهديّ عيسى ابن مريم ، فإنّما ينزل عيسى على الدجّال ، فإذا رآه ذاب كما تذوب الشحمة ، والإمام رجل منّا يصلّي عيسى خلفه لو شئت سمّيته.
وأمّا ريح عاد وصاعقة ثمود ، فإنّها كانتا عذابا ، وملكنا رحمة.
وأضاف السيّد ابن طاوس قائلا : ولم يذكر أنّ معاوية أقدم على ردّ عبد الله ابن عبّاس عن هذا الجواب (٣).
__________________
(١) النساء : ٥٤.
(٢) التغابن : ٧.
(٣) الملاحم والفتن ١١٥ ـ ١١٧ ب ٢٧ ؛ عن فتن السليليّ.